7 ـ من هم المؤمنون به ؟

موقع سماحة آية الله العظمى مكارم الشيرازي(دام ظله).

صفحه کاربران ویژه - خروج
الترتيب على أساس
 
نفحات القرآن (الجزء الثامن)
8 ـ التطور السریع6 ـ إیمانه وتضحیته فی سبیل هدفه

عادة ما یجتذب الأفراد غیر الصالحین حولهم أفراداً مثلهم ، وهذه القاعدة وإن لم تکن دائمة ولکنها فی الغالب هکذ .

ویتضح ذلک من مطالعتنا للمثل المعروف : (إنّ المزور یُعرف من زائریه) ، وعلة ذلک واضحة لأنّ أهل الدنیا ومنتهزی الفرص یتجهون دائماً إلى أولئک المهیئین للتساوم معهم ، یعطونهم امتیازات ویأخذون منهم اُخرى ، لیصلوا إلى مقاصدهم غیر المشروعة .

وهذه المسألة خاصة تظهر أکثر وضوحا حول المقربین والخواص وحافظی أسرار ذلک الشخص ، فاذا رأینا اخلاص خواص تلک المدرسة ، وحملة أسراره ، وممن تثق بهم، أدرکنا بالنهایة نزاهة وإیمان وصدق قائده ، وبالعکس ، فاذا التفَّ حوله أفراد کذابون ، نفعیون فسوف نفهم بأنّ الماء ینبع من منبع آسن .

والآن لنلقی نظرة على الخلّص وحملة الأسرار والتلامیذ الأصلیین لمدرسة نبیّ الإسلام (صلى الله علیه وآله)... أفراداً مثل (على بن أبی طالب) ، وفی مراحل لاحقة أفراداً مثل (سلمان) و(أبو ذر) و(المقداد) و(عمار بن یاسر) و(صهیب) و(بلال) وأضرابهم ، فنرى کل واحد منهم کان نموذجا للتقوى والفضیلة والإیمان والمعرفة والزهد .

ونموذج آخر من هؤلاء الأفراد هم (أصحاب الصفة) المهاجرون الأبرار الذین هجروا کل ما یملکون فی مکة ، والتحقوا بصفوف أصحاب النبی (صلى الله علیه وآله) وکانوا یعیشون فی أسوأ الأوضاع الاقتصادیة .

أو مجموعة السبعین شخصاً الذین توجهوا إلى منطقة (نجد) لنشر الإسلام ، ثم تجرعوا کأس الشهادة کلهم فی هذا السبیل ، وکانوا یقضون اللیل بالعبادة، والنهار بجمع الحطب لیضعوا ما تجود به أیدیهم باختیار أصحاب الصفة أولئک(1) .

وکان من بین خلص أصحابه أفرادٌ یعیشون فی مستویات دنیا من حیث الموقع الاجتماعی ، والجوانب المادیة والظاهریة ، ولکن النبی (صلى الله علیه وآله) کان یکرمهم لممیزاتهم المعنویة ویقدمهم على الآخرین، إلى ذلک الحد الذی سبب اعتراض مخالفیه الشدید وجاءه عدد من أعیانهم وکان عنده أفرادٌ من أمثال سلمان ، وصهیب ، وأبی ذر ، وعمار ، وخباب ، ونظرائهم من المعوزین والفقراء ، وحینما وقعت أعینهم على هذا المشهد قالوا بغرور وتکبر : (لو نحیت عن هؤلاء روائح صنانهم ... جلسنا نحن إلیک وأخذنا عنک فلا یمنعنا من الدخول علیک إلاّ هؤلاء) .

وهنا نزلت الآیة الکریمة: (وَاصبِر نَفسَکَ مَعَ الَّذِینَ یَدعُونَ رَبّهُم بِالغَدَاةِ وَالعَشِىّ). (الکهف / 28)

وأُمرَ النبی (صلى الله علیه وآله) بأنّ یکون دوماً مع هذه الزمرة الحفاة من أصحاب القلوب الطاهرة، وأن لا یمد عینیه إلى الأُبَّهة الظاهریة للأثریاء الأنانیین(2) .

وفی الآیة التی بعدها تَردُ کلمات حادة وموجعة على ما یطلبه المستکبرون فتقول: (وَقُلِ الحَقُّ مِن رَبِّکُم فَمَن شَآءَ فَلیُؤمِنْ وَمَنْ شَآءَ فَلیَکفُرْ اِنَّا أَعْتَدنَا لِلظَّاَلِمِینَ نَاراً اَحَاطَ بِهِم سُرَادِقُه) . (الکهف / 29)

وهذا البیان الصریح والقاطع یثبت بشکل جید أنّ الإسلام عن أی طبقة یدافع ؟ وما هی الطبقات التی تحتل الصفوف المتقدمة فیه ؟

ویعتبر القرآن الکریم التفاف الأفراد المؤمنین المخلصین والأبرار حول النبی الأکرم (صلى الله علیه وآله) بأنّه واحد من شواهد حقانیته (صلى الله علیه وآله) إذ یقول : (اَفَمَنْ کَانَ عَلَى بَیِّنَة مِّن رَبِّهِ وَیَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِّنهُ). (هود / 17)

ولکنّ أکثر المفسرین یعتقدون بأنّ (البینة) هی نفس القرآن والمعجزات ، وأنّ المقصود بـ(الشاهد) هم الاتباع المضحون المؤمنون المخلصون أنفسهم .

ومن البدیهی أنَّ إیمان شخص کعلی(علیه السلام) بما یتصف به من الممیزات العلمیة والمعنویة والأخلاقیة التی اتضحت فی (نهج البلاغة) یمکن أن یکون شاهداً ناطقاً على حقانیة النبی (صلى الله علیه وآله) .


1. منتهى الآمال ـ وقائع السنة الهجریة الرابعة ـ وجاء نفس المعنى مع بعض الاختلاف فی تاریخ الکامل لابن الاثیر ، ج2 ، ص 171 .
2. نقل هذه القصة الکثیر من المفسرین والمؤرخین بعبارات مختلفة ، تفسیر مجمع البیان والقرطبی فی ذیل الآیة 28 من سورة الکهف .

 

8 ـ التطور السریع6 ـ إیمانه وتضحیته فی سبیل هدفه
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma