4 ـ هل تنسجم هذه الآیات مع مسألة الخاتمیة ؟

موقع سماحة آية الله العظمى مكارم الشيرازي(دام ظله).

صفحه کاربران ویژه - خروج
الترتيب على أساس
 
نفحات القرآن (الجزء الثامن)
3 ـ هل یجب حرمان الإنسان من فیض الارتباط بعالم الغیب ؟

إنّ مجموعة من مبتدعی الأدیان فی عصرنا، من أجل أن یعبدوا الطریق أمام مدعیاتهم حول النبوة ، لم یجدوا أی حل أمامهم سوى التوجه لمسألة (الخاتمیة) التی هی من بدیهیات وضروریات الدین الإسلامی ووضعها تحت الاستفهام . وکما هو اُسلوب أصحاب القلوب المریضة تناولوا بعض الآیات القرآنیة التی وجدوها قابلة للتحریف والانسجام مع مقاصدهم وتشبثوا بها لنفی (الخاتمیة) ، وکان البعض منها غریباً عن مسألة الخاتمیة إلى حد لا تستحق حتى طرحه ، ونذکر هنا قسمین فقط من تلک التی یمکن طرحها إلى حد ما والتی استندوا إلیها أکثر :

1 ـ یقولون : إنّ الآیات لا تنفی إمکانیة ظهور أنبیاء آخرین . لأنّها تقول : (یَابَنِى آدَمَ اِمَّا یَأْتیَنَّکُمْ رُسُلٌ مِّنکُمْ یَقُصُّونَ عَلَیکُم آیَاتِى فَمَنِ اتَّقَى وَاَصْلَحَ فَلاَ خَوْفٌ عَلَیهِم وَلاَ هُم یَحزَنُونَ) . (الأعراف / 35)

إنّهم یقولون : بالالتفات إلى أنّ جملتی (یأتینکم) و(یقصون علیکم) هما فعلان مضارعان ، إذن فإنّ الآیة تدلل على امکانیة بعث أنبیاء آخرین فی المستقبل ، وفی هذه الحالة یکون اتباعهم واجب .

أمّا إذا التفتنا إلى نقطة واحدة سیکون الجواب عن هذا الکلام واضح ، وهی : إذا عدنا إلى ما قبل هذه الآیات ودققنا فیها من 11 إلى 34 من تلک السورة سنرى أنّ کل هذه المباحث هی حول (خلق آدم) من تراب ثم إصدار الأوامر للملائکة بالسجود لآدم ، ثم اسکانه فی الجنّة وطرده وزوجته منها لترکهم الأولى ، ثم هبوطهم إلى الأرض وأوامر الله لعموم بنی آدم(علیه السلام) .

وبعبارة اُخرى أنّ المخاطب فی هذه الآیات لیس المسلمین فحسب . بل شرائح المجتمع الإنسانی کافّة وکل أبناء آدم ولا شک، فقد جاء لبنی آدم أنبیاء ورسل کثیرون ذکرت أسماء بعضهم فی القرآن الکریم وسجلت کتب التواریخ اسماء البعض الآخر .

ولکن هؤلاء الذین أرادوا الانتفاع من هذه الآیة أنکروا الخاتمیة من أجل مقاصدهم ومهدوا السبیل أمام مدعی النبوة الکاذبین . وقطعوا تماماً ارتباط الآیة بماضیها وصوروها على أنّها خطاب للمسلمین وخرجوا بنتیجة تقول: إنّ على المسلمین أن ینتظروا ظهور نبی جدید .

والملفت للنظر هو أنّ خطاب (یابنی آدم) تکرر عدّة مرات قبل هذه الآیة فی نفس سلسلة الآیات ، فی الآیات 26 و27 و31، فالآیة 26 تأتی مباشرة بعد قصة هبوط آدم(علیه السلام)إلى الأرض والآیة 27 تأتی بعدها ثم جاءت الآیة 31، وفی المرحلة الرابعة تأتی الآیة مورد البحث .

والمثیر أیضاً أنّ خطاب (یابنی آدم) غیر موجود فی أی خطاب من القرآن إلاّ فی هذه الآیات الأربع ، ویکون الخطاب للمسلمین عادة ب(یاأیها الذین آمنو) الذی جاء على نفس الصورة فی أکثر من ثمانین موضعاً من القرآن ، وأحیاناً جاء خطاب أکثر عمومیة هو : (یاأیها الناس) .

والشاهد الآخر على هذا المدّعى الآیة التی نقرأ فیها نفس المضمون بعد مسألة هبوط آدم(علیه السلام) إلى الأرض . تقول : (قُلْنَا اِهْبِطُوا مِنْهَا جَمِیعاً فَإِمَّا یَاْتیَنَّکُم مِّنىِّ هُدىً فَمَنْ تَبِعَ هُدَاىَ فَلاَ خَوفٌ عَلَیهِم وَلاَ هُم یَحْزَنُونَ) . (البقرة / 38)

ومعنى اتیان (الهدى) هنا هو نفس معنى (اتیان الرسل) .

وجاء المضمون نفسه فی الآیة 123 من سورة طه ، وما یلفت النظر بالخصوص فیها هو أنّ المخاطب فی البدایة (آدم) و(حواء) وجملة (اهبطا) جاءت بصورة التثنیة ـ ولکن فی جملة (إِمَّا یَأْتِیَنَّکُمْ مِّنِّى هُدىً ) فالمخاطب جمع یشمل بنی آدم بلا شک ، لأنّ الشیطان لاحَظَّ له من الهدایة الإلهیّة مطلقاً، وبناءً علیه لا یمکن أن یکون ضمن المخاطبین فی هذه المجموعة، لأنّه بعد الخطاب یقول: (وَاِنَّ عَلَیکَ لَعَنتِى إلَى یَومِ الدِّینِ). (ص / 78)

أی الذی صدر عقب عناده الشدید حیث لم یبق أی أمل بهدایته، ومعلوم أنّ آدم وحواء شخصان ، إذن فالمخاطب هما وبَنوهم .

وهنا نصل إلى ختام الجزء الثامن من تفسیر (نفحات القرآن) ـ مجموعة بحوث النبوة الخاصة ـ والحمد لله ربّ العالمین .

إلهی ! نور قلوبنا دائماً بنور القرآن وسنة النبی(صلى الله علیه وآله) وأبنائه المعصومین(علیهم السلام) .

إلهی ! مُنَّ علینا بتوفیق إصلاح أنفسنا فی ظل هذه التعلیمات المنجیة .

ربنا ! أزح من دربنا العقبات واهدنا إلى ما یوجب رضاک .

 

3 ـ هل یجب حرمان الإنسان من فیض الارتباط بعالم الغیب ؟
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma