7 ـ الآثار الثّقافیّة لمؤتمر الحجّ العظیم

موقع سماحة آية الله العظمى مكارم الشيرازي(دام ظله).

صفحه کاربران ویژه - خروج
الترتيب على أساس
 
نفحات القرآن (الجزء العاشر)
8 ـ تأثیر المساجد والأماکن المقدّسة6 ـ صلاة الجمعة وآثارها التّربویّة

ومن العبادات الاُخرى التی لها تأثیرٌ مهم فی تربیّة المسلمین ونشر العلم والمعرفة ووحدة الصّفوف وقوة شوکة المسلمین هی مراسم الحجّ، التی یجتمع فیها کل سنة الملایین من المسلمین من شتى بقاع الأرض فی مؤتمر عظیم فیتعلمون فی هذا المؤتمر شتى أنواع العلوم والمعارف وفی کلّ الجهات المادیّة والمعنویّة.

والنّکتة المهمّة هنا هی أنّ الإشتراک فی هذا المؤتمر العالمی واجب على کلّ مُسلم یستطیع الحج مرّةً واحدة فی العمر، وأمّا باقی المرّات فهی مستحبة، ولا فرق فی هذا الحکم بین المسلمین، فالحج واجب على الرّجل وعلى المرأة، والشّاب والشّیخ، والأبیض والأسود والمتعلم والجاهل، ولهذا نجد کلّ سنة مجموعة عظیمة من کبار الشّخصیات العلمیّة والثّقافیّة والسّیاسیّة والاقتصادیّة من المسلمین بین صفوف الحجّاج یتشرفون بزیارة بیت الله الحرام، وفی طول المدّة الّتی یقضونها فی مکة والمدینة وسائر المشاهد والمواقف یلتقی بعضهم بالبعض الآخر فیتبادلون العلوم والمعارف والمعلومات والأخبار فیما بینهم.

وفی الآونة الأخیرة وبعد وقوف المسلمین على أهمیّة هذا الاجتماع المعنوی العظیم نجد أنّ علماء الدّول الإسلامیّة المختلفة یعقدون المؤتمرات المصغرة والموسعة على هامش مؤتمر الحجّ العظیم، فیلتقون ویتبادلون العلوم والمعارف والثّقافات عن هذا الطریق.

یذکر القرآن الکریم جملة مختصرة فی بیان فلسفة الحجّ حیث یقول : (لِیَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ).   (الحج / 28)

وللمفسرین کلام طویل فی تفسیر معنى کلمة (منافع) ولکن من الواضح أنّهُ لا یوجد حدٌّ لمفهوم هذا اللفظ، فیشمل کلّ المنافع والبرکات المعنویّة والمادیّة والنّتائج السّیاسیّة والثّقافیّة والاجتماعیّة.

وقد سأل الرّبیع بن خیثم الإمام الصّادق(علیه السلام) عن تفسیر هذه الکلمة، فبیّن له الإمام(علیه السلام)أنّها تشمل المنافع الدنیویّة والأخرویّة(1).

وفی روایة أخرى عن الإمام الصّادق(علیه السلام) یجیب فیها هشام بن الحکم عن فلسفة الحجّ، فیشیر الإمام(علیه السلام) إلى عدّة أبعاد مهمة، منها تعرف مسلمی العالم بعضهم على البعض الآخر، ثُمّ المنافع الاقتصادیّة، ثُمّ إیجاد کثیر من مجالات العمل فی إطار موسم الحجّ ثم یشیر(علیه السلام)إلى آثاره الثّقافیّة ویقول: «ولِتُعْرَفَ آثارُ رَسُولِ اللهِ(صلى الله علیه وآله)وتُعْرَفَ أخْبارُهُ ویُذْکَرَ وَلا یُنْسى»(2).

وعلى أیّة حال، فلو أنّ أحداً دقّق وتأمل فی جزئیات مراسم الحجّ، وخاصة إذا شاهد تلک المراسم عن قرب، فإنّه سیقف على أهمّیة البعد الثّقافی والتّربوی للحجّ بنحو یقل نظیرُهُ.

 

نعم، فالحجّ یمکن أنْ یکون مؤتمراً سنویاً ثقافیّاً عظیماً ـ بل مؤتمرات ـ فیلتقی العلماء من کل أنحاء العالم الإسلامی فی الأیّام التی یتواجدون فیها فی مکة المکرمة، فتُتبادَل الأفکار والإبداعات الّتی یحملونها فیما بینهم مضافاً إلى آثار الحجّ المعنویّة الخاصّة.

وفی الفترات المظلمة لحکومة السّلاطین الظّالمین والطّغاة الّذین لم یفسحوا المجال لانتشار العلوم والمعارف الإسلامیّة، کان المسلمون یستفیدون من الظّرف الّذی یتاح لهم فی موسم الحجّ لحلّ الکثیر من مشاکلهم، وبالإلتقاء بائمّة الهدى(علیهم السلام)وکبار علماء الإسلام، حیث کانوا یطّلعون على المعارف والقوانین الإسلامیّة وسنة النّبیّ الأکرم(صلى الله علیه وآله)، وعندما یعودون إلى بلادهم، یعودون وهم یحملون رسالات مهمّة فی الأخلاق والثّقافة وشتى العلوم.


1. تفسیر نور الثّقلین، ج3، ص488.
2. وسائل الشیعة، ج8، ص9، ح 18.

 

8 ـ تأثیر المساجد والأماکن المقدّسة6 ـ صلاة الجمعة وآثارها التّربویّة
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma