2. نصب المنافقین فی المناصب الحساسة

موقع سماحة آية الله العظمى مكارم الشيرازي(دام ظله).

صفحه کاربران ویژه - خروج
الترتيب على أساس
 
عاشوراء جذورها، أهدافها، حوادثها، معطیاتها
عمرو بن العاص (والی مصر)1. نقض الصلح مع الحسن(علیه السلام)

إنّ طبیعة حکومة معاویة تقتضی انفتاحه على الفاسدین من الأفراد بغیة تحقیق أهدافه المشبوهة. وهذا ما تطلب الإسراع فی تفریق صفوف الأمة وإبعادها عن التعالیم السامیة والعادلة للإسلام، لبسط نفوذ حکومته الجبارة وإخماد الأصوات المعارضة. وقد تنبأ أمیرالمؤمنین(علیه السلام)بشکل عجیب بهذه القضیة فقال:

«وَلکنَنیِ آسَی أنْ یَلیَ أمْرَ هَذِهِ الأُمَّةِ سُفهاؤُها وَفُجارُها فَیَتخِذُوا مَال اللهِ دُوَلا وَعِبَادَهُ حِوَلا والصالحِینَ حَرْباً والفاسِقیَنَ حِزْباً»(1).

وتفید عبارة أمیرالمؤمنین(علیه السلام) القصیرة والعمیقة المعنى أنّ تواجد العناصر الفاسدة والمشبوهة فی المؤسسات الفاعلة للحکومة یکشف عن فساد وانحراف تلک الحکومة، کما أنّ حضور العناصر الصالحة والنزیهة فی أجهزة الحکومة تعکس سلامة تلک الحکومة.

وعلى ضوء تصریحات المؤرخین لم یکن هنالک فرد صالح تقریباً فی مؤسسات أیة حکومة فی المناطق الخاضعة للسلطة الأمویة. والواقع أنّ ولاة حکومة معاویة من الأفراد المعروفین بالطمع والهوس وقد شغلوا تلک المناصب بغیة تحقیق أطماعهم الشیطانیة ومآربهم المادیة.

ولا یخفى أنّ استخدام العناصر الفاسدة والمنحرفة التی تتظاهر بالفسق والفجور علانیة من شأنه أن یؤدّی إلى جعل إرتکاب المنکرات قضیة عادیة فی المجتمع وتهدد بالخطر القیم والمبادئ المعنویة. والحق إنّ الأجهزة الضخمة لحکومة معاویة إنّما کانت تدار من قبل أفراد وظفوا جمیع طاقاتهم ودهائهم من أجل تشیید صرح دنیاهم الفاسدة. فأصحاب الدنیا وعشّاق الشهوة وعبدة الأهواء أمثال عمرو بن العاص والمغیرة بن شعبة وزیاد بن أبیه الذین یعتبرون من مشاهیر دهاة العرب(2) قد وقعوا فی شباک مصائد معاویة طمعاً بالرئاسة فباعوه دینهم لینالوا حکومة بعض مناطق البلاد الإسلامیة حسب ظروفها وحساسیتها.

والواقع أنّ معاویة ـ لمعرفته بطبیعة أهل کل منطقة ـ کان یولی فیها أحد جلاوزته بما یتناسب وطبیعتها، وهکذا غیر الهویة الدینیة الإجتماعیة وغرس بذور الفساد والإلحاد فی أطراف وأکناف العالم الإسلامی. فولى عمرو بن العاص مصر والعراق للطاغیة الظالم زیاد والمدینة والحجاز لطرید رسول الله(صلى الله علیه وآله) مروان(3). کما وظف سائر العناصر المجرمة والسفاحة لممارسة القمع والقتل مثل الضحاک بن قیس وسعید وبسر بن أرطاة وآخرین، فکان یوجههم بسرعة فائقة ویستبدل أحدهم بالآخر کلما شعر بخطر. فلما نصب عبد الله ـ ابن عمرو بن العاص ـ على الکوفة، قال المغیرة بن شعبة لمعاویة: «اسعملت عبدالله بن عمرو على الکوفة، وأمّا عمرو على مصراً، تکون أنت بین تهین الأسد»(4) فعزله عنها واستعمل المغیرة على الکوفة.

ونشیر هنا بصورة إجمالیة إلى بعض ولاة معاویة ونشرح جانباً من سیرتهم المخزیة وأفعالهم الإجرامیة.


1 . نهج البلاغة، الرسالة 62.
2 . روى الشعبی، «إنّ دهاة العرب أربعة، معاویة وابن العاص والمغیرة وزیاد» الذریعة، ج1، ص 350; مختصر تاریخ دمشق، ج 9، ص 80.
3 . تطرقنا سابقاً إلى مروان وفساده وفسقه.
4 . تجارب الأمم، ج2، ص 17.

 

عمرو بن العاص (والی مصر)1. نقض الصلح مع الحسن(علیه السلام)
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma