13 . الخطبة المهمّة والمصیریة

موقع سماحة آية الله العظمى مكارم الشيرازي(دام ظله).

صفحه کاربران ویژه - خروج
الترتيب على أساس
 
عاشوراء جذورها، أهدافها، حوادثها، معطیاتها
14 . إنما نهضت بالأمر لإقامة الحق12 . لا أرى أصلح من یزید

روى سلیم ابن قیس أنّ الإمام الحسین(علیه السلام) حج البیت مع عبد الله بن عباس وعبد الله بن جعفر لسنة قبل وفاة معاویة فجمع(علیه السلام) آل بنی هاشم ثم بعث لأصحاب رسول الله(صلى الله علیه وآله)فی منى فکانوا أکثر من سبعمائة نفر أغلبهم من التابعین ومائتین من أصحاب رسول الله(صلى الله علیه وآله)فخطبهم(علیه السلام) بعد أن حمد الله وأثنى علیه فقال:

«أَمّا بَعْدُ فَإِنَّ هذَا الطّاغِیَةَ قَدْ فَعَلَ بِنا وَبِشِیعَتِنا ما قَدْ رَأَیْتُمْ وَعَلِمْتُمْ وَشَهِدْتُمْ وَإِنّی أُریدُ أَنْ أَسْأَلَکُمْ عَنْ شَیْء، فَإِنْ صدَقْتُ فَصَدِّقُونِی وَإِنْ کَذِبْتُ فَکَذِّبُونِی، وَأَسْأَلُکُمْ بِحَقِّ اللهِ عَلَیْکُمْ وَحَقِّ رَسُولِ اللهِ(صلى الله علیه وآله) وَقِرابَتی مِنْ نَبِیِّکُمْ لَما سَیَّرْتُمْ مَقامی هذا وَوَصَفْتُمْ مَقالَتِی وَدَعَوْتُمْ أَجْمَعینَ فِی أَمْصارِکُمْ مِنْ قَبائِلِکُمْ مَنْ آمَنْتُمْ مِنَ النّاسِ».

وفی روایة أنّه قال بعد قوله: «إِنْ کَذِبْتُ فَکَذِّبُونِی».

«اِسْمَعُوا مَقالَتِی وَاکْتُبُوا قَوْلی ثُمَّ ارْجِعُوا إِلى اَمْصارِکُمْ وَقَبائِلِکُمْ فَمَنْ آمَنْتُمْ مِنَ النّاسِ وَوَثَقْتُمْ بِهِ فَادْعُوهُمْ إِلى ما تَعْلَمُونَ مِنْ حَقِّنا فَإِنّی أَتَخَوَّفُ أَنْ یَدْرُسَ هذَا الاَْمْرُ وَیَذْهَبَ الْحَقُّ وَیَغْلِبَ، وَاللهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ کَرِهَ الْکافِرُونَ ...».

ثم تلى الإمام الحسین(علیه السلام) ما نزل من القرآن فی أهل البیت وما ذکره رسول الله(صلى الله علیه وآله)بشأن علی(علیه السلام) والزهراء(علیها السلام) وأخیه الحسن وأهل بیته(علیهم السلام) فکانوا یجیبون بلى نشهد بذلک. فقال(علیه السلام):

«أُنْشِدُکُمْ اللهَ إلاّ حَدَّثْتُمْ بِهِ مَنْ تَثِقُونَ بِهِ وَبِدینِهِ ...».

روى سلیم بن قیس: کان ممّا أشهدهم به الإمام(علیه السلام) أنّه قال:

«أُنْشِدُکُمُ اللهَ أَتَعْلَمُونَ أَنَّ عَلِیَ بْنَ أَبی طالِب کانَ أَخا رَسُولِ اللهِ(صلى الله علیه وآله) حینَ آخى بَیْنَ أَصْحابِهِ فَآخى بَیْنَهُ وَبَیْنَ نَفْسِهِ وَقالَ أَنْتَ أخی وَأَنَا أخُوک فِی الدُّنْیا وَالاْخِرَةِ»؟ قالُوا: اللّهُمَّ نَعَم.

قالَ: «أُنْشِدُکُمْ اللهَ هَلْ تَعْلَمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ(صلى الله علیه وآله) اشْتَرى مَوْضِعَ مَسْجِدِهِ وَمَنازِلِهِ فَابْتَناهُ ثُمَّ ابْتَنى فیهِ عَشْرَةَ مَنازِلَ تِسعَةٌ لَهُ وَجَعَلَ عاشِرَها فِی وَسَطِها لاَِبِی، ثُمَ سَدَّ کُلَّ باب شارِع إِلَى الْمَسْجِدِ غَیْرَ بابِهِ فَتَکَلَّمَ فِی ذلِکَ مَنْ تَکَلَّمَ. فَقالَ: مـا أَنَا سَدَدْتُ أَبْوابَکُمْ وَفَتَحْتُ بابَهُ وَلَکِنَّ اللهَ أَمَرَنِی بِسَدِّ أَبْوابِکُمْ وَفَتْحِ بابِهِ، ثُمَّ نَهَى النّاسَ أَنْ یَنامُوا فِی الْمَسْجِدِ غَیْرَهُ ...»!

قالُوا: اللّهُمَّ نَعَمْ.

قالَ: «أَفَتَعْلَمُونَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطّابِ حَرَصَ عَلى کُوَّة قَدْرِ عَیْنِهِ یَدَعُها فِی مَنْزِلِهِ إِلَى الْمَسْجِدِ فَأَبى عَلَیْهِ، ثُمَّ خَطَبَ فَقالَ: إِنَّ اللهَ أَمَرَنی أَنْ أَبْنِی مَسْجِداً طاهِراً لا یَسْکُنُهُ غَیْرِی وَغَیْرُ أَخی وَبَنیهِ»؟

قالُوا: اللّهُمَّ نَعَم.

قالَ: «أُنْشِدُکُمْ أَتَعْلَمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ(صلى الله علیه وآله) نَصَبَهُ یَوْمَ غَدیرِ خُمّ فَنادى لَهُ بِالْوِلایَةِ وَقالَ لِیُبْلِّغَ الشّاهِدُ الْغائِبَ».

قالُوا: اللّهُمَّ نَعَم.

قالَ: «أُنْشِدُکُمْ أَتَعْلَمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ(صلى الله علیه وآله) قالَ: فِی غَزْوَةِ تَبُوک: أَنْتَ مِنِّی بِمَنْزِلَةِ هارُونَ مِنْ موُسى، وَأَنْتَ وَلیُّ کُلِّ مُؤْمِن بَعْدی؟»

قالُوا: اللّهُمَّ نَعَم.

قالَ: «أُنْشِدُکُمْ اللهَ أَتَعْلَمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ(صلى الله علیه وآله) حِینَ دَعَا النَّصارى مِنْ أَهْلِ نَجْرانَ إِلَى الْمُباهَلَةِ لَمْ یَأْتِ بِهِ وَبِصاحِبَتِهِ وَابْنَیْهِ».

قالُوا: اللّهُمَّ نَعَم.

قالَ: «أُنْشِدُکُمْ اللهَ أَتَعْلَمُونَ أَنَّهُ دَفَعَ إِلَیْهِ الْلِواءَ یَوْمَ خَیْبَر ثُمَ قالَ: لاَْدْفَعنَّهُ إِلى رَجُل یُحِبُّهُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَیُحِبُّ اللهَ وَرَسُولَهُ، کَرّارٌ غَیْرُ فَرّار یَفْتَحُهَا اللهُ عَلى یَدَیْهِ»؟ قالُوا: اللّهُمَّ نَعَم.

قالَ: «أَتَعْلَمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ(صلى الله علیه وآله) بَعَثَهُ بِبَراءَة وَقالَ: لاَ یُبَلِّغُ عَنِّی إِلاَّ أَنّا أَوْ رَجُلٌ مِنّی»؟

قالُوا: اللّهُمَّ نَعَم.

قالَ: «أَتَعْلَمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ(صلى الله علیه وآله) لَمْ تُنْزَلْ بِهِ شِدَّةٌ قَطُّ إِلاّ قَدَّمَهُ لَها ثِقَةً بِهِ، وَأَنَّهُ لَمْ یَدْعُهُ بِاِسْمِهِ قَطُّ إِلاَّ یَقُولُ: یا أَخی وَادْعُوا لِی أَخی؟».

قالُوا: اللّهُمَّ نَعَم.

قالَ: «أَتَعْلَمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ(صلى الله علیه وآله) قَضى بَیْنَهُ وَبَیْنَ جَعْفَر وَزَیْد فَقالَ: یا عَلِیُّ أَنْتَ مِنّی وَأَنّا مِنْکَ وَأَنْتَ وَلِیُّ کُلِّ مُؤْمِن بَعْدی؟».

قالُوا: اللّهُمَّ نَعَم.

قالَ: «أَتَعْلَمُونَ أَنَّهُ کانَتْ لَهُ مِنْ رَسُولِ اللهِ(صلى الله علیه وآله) کُلَّ یَوْم خَلْوَةٌ وَکُلَّ لَیْلَة دَخْلَةٌ، إِذا سَأَلَهُ أَعْطاهُ، وَإِذا سَکَتَ أَبْدَأَهُ؟».

قالُوا: اللّهُمَّ نَعَم.

قالَ: «أَتَعْلَمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ(صلى الله علیه وآله) فَضَّلَهُ عَلى جَعْفَر وَحَمْزَةَ حِینَ قالَ لِفاطِمَةَ(علیها السلام): زَوَّجْتُکَ خَیْرُ أَهْلِ بَیْتی، أَقْدَمُهُمْ سِلْماً، وَأعْظَمُهُمْ حِلْماً وَأکْثَرُهُمْ عِلْماً؟».

قالُوا: اللّهُمَّ نَعَم.

قالَ: «أَتَعْلَمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ(صلى الله علیه وآله) قالَ: أَنَا سَیِّدُ وُلْدِ بَنی آدَمَ، وَأخی عَلِیٌّ سَیِّدُ الْعَرَبِ، وَفاطِمَةُ سَیِّدَةُ نِساءِ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَالْحَسَنُ وَالْحُسَیْنُ ابْنای سَیِّدا شبابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ؟».

قالُوا: اللّهُمَّ نَعَم.

قالَ: «أَتَعْلَمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ(صلى الله علیه وآله) أَمَرَهُ بِغُسْلِهِ وَأَخْبَرَهُ أَنَّ جَبْرَائِیلَ یُعینُهُ عَلَیْهِ؟» قالُوا: اللّهُمَّ نَعَم.

قالَ: «أَتَعْلَمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ(صلى الله علیه وآله) قالَ فِی آخِرِ خُطبَة خَطَبَها: إِنِّی تَرَکْتُ فِیکُمُ الثَّقَلَیْنِ کِتابَ اللهِ وَأَهْلَ بَیْتی، فَتَمَسَّکُوا بِهِما لَنْ تَضِلُّوا»؟

قالُوا: اللّهُمَّ نَعَم.

ثم قال(علیه السلام): «أُنْشِدُکُمْ اللهَ أَتَعْلَمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ(صلى الله علیه وآله) قالَ: کَذَّبَ مَنْ زَعَمَ أَنّهُ یُحبُّنِی وَیُبغِضُ عَلیّاً».

فقیل له: وکیف ذاک یا رسول الله؟

قال(صلى الله علیه وآله): «لأَنّهِ مِنّی وَأَنا مِنْهَ فَمَنْ أَحَبَّهُ فَقَدْ أَحَبَّنِی وَمَنْ أَحَبَّنِی فَقَدْ أَحَبَّ اللهَ وَمَنْ عَاداهُ فَقَدْ عَادانِی وَمَنْ عَادانِی فَقَدْ عَادا اللهَ».

فَقالُوا: اللّهُمَّ نَعَم.. ثم تفرقوا وانصرفوا(1).

والخلاصة فقد بین الإمام(علیه السلام) کل ما ورد فی القرآن والسنّة بشأن علی وأهل بیته وکان الصحابة والتابعون یؤیدون ذلک (وانتشر هذا الخبر فی المدینة).

رام الإمام(علیه السلام) بهذه الخطبة العمیقة المعنى فی ذلک التجمع العظیم والذی یعتبر آنذاک أهم تجمع من نوعه وبحضور مائتی شخص من الصحابة ومئات التابعین والشخصیات الدینیة والعلمیة البارزة فی العالم الإسلامی تحقیق عدة أهداف:

1. کشف الإمام أنّ ذلک الشخص الذی أمر بلعنه على المنابر الحکام الظلمة من بنی أمیة هو علی(علیه السلام) نفس النبی(صلى الله علیه وآله)وأخوه ووصیه. وهذا ما جعل الناس یدرکون من جانبه ماهیة بنی أمیة المعادیة للإسلام، ومن جانب آخر یعبئون ضد هذه الخطة المشینة، أی السب على المنابر.

2. الهدف الآخر أنّ قدرة بنی أمیة لا تعدّ دلیلاً على أحقیّتهم، ولا ینبغی للأُمّة نسیان جرائمهم.

 

3. زرع الإمام(علیه السلام) بذور الثورة والنهضة فی المستقبل ضد هذه الشجرة الملعونة فی قلوب الناس والتی أثمرت بعد مضی مدّة قلیلة.

4. إن کان الإمام(علیه السلام) فضح بنی أمیة فی کربلاء بنهضته وثورته المسلحة وشهادته، فقد أثبت إیقاظه للأفکار بهذه الثورة الثقافیة ومنهجیة مواجهة هذه الطغمة من المنافقین التی احتلت للأسف موقع رسول الله(صلى الله علیه وآله).


1 . بحار الأنوار، ج 33، ص 181-185.

 

14 . إنما نهضت بالأمر لإقامة الحق12 . لا أرى أصلح من یزید
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma