خرج الإمام(علیه السلام) فی الیوم التالی فرأى مروان بن الحکم. فقال له مروان: یا أبا عبدالله أنصحک بما فیه خیرک وصلاحک! فقال(علیه السلام):
«وَما ذلِکَ؟ قُلْ حَتّى أَسْمَعَ».
فقال مروان: بایع أمیر المؤمنین یزید فإنّ ذلک خیر لک فی دینک ودنیاک! فقال(علیه السلام):
«إِنّا للهِ وَإِنّا إِلَیْهِ راجِعُوَن وَعَلَى الاِْسْلامِ اَلسَّلامُ إِذْ قَدْ بُلِیَتِ الاُْمَّةُ بِراع مِثْلَ یَزیدَ».
ثم ألتفت (علیه السلام) إلى مروان وقال:
«وَیْحَکَ! أَتَأْمُرُنی بِبَیْعَةِ یَزیدَ وَهُوَ رَجُلٌ فاسِقٌ! لَقَدْ قُلْتَ شَطَطاً مِنَ الْقَوْلِ یاعَظیمَ الزَّلَلِ! لا أَلُومُکَ عَلى قَوْلِکَ لاَِنَّکَ اللَّعینُ الَّذی لَعَنَکَ رَسُولُ اللهِ(صلى الله علیه وآله)وَأَنْتَ فِی صُلْبِ أَبیکَ الْحَکَمِ بْنِ أَبی الْعاصِ، فَإِنَّ مَنْ لَعَنَهُ رَسُولُ اللهِ(صلى الله علیه وآله) لا یُمْکِنُ لَهُ وَلا مِنْهُ إِلاّ أَنْ یَدْعُوَ إِلى بَیْعَةِ یَزیدَ».
ثم قال:
«إِلَیْکَ عَنِّی یا عَدُوَّ اللهِ! فَإِنّا أَهْلُ بَیْتِ رَسُولِ اللهِ(صلى الله علیه وآله) وَالْحَقُّ فینا وَبِالْحَقِّ تَنْطِقُ أَلْسِنَتُنا، وَقَدْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ(صلى الله علیه وآله) یَقُولُ: (الْخِلاَفَةُ مُحَرَّمَةٌ عَلى آلِ أبی سُفْیانَ، وَعَلى الطُّلقاءِ أَبْناءِ الطُّلقاءِ ...)(1).
فغضب مروان وقال: لن أدعک حتى تبایع یزید بن معاویة. إنّکم آل أبی تراب لتحملون العداوة لآل أبی سفیان فی قلوبکم. فقال(علیه السلام):
«وَیْلَکَ یا مَرْوانُ! إِلَیْکَ عَنّی فَإِنَّکَ رِجْسٌ، وَإِنّا أَهْلُ بَیْتِ الطَّهارَةِ الَّذینَ أَنْزَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلى نَبِیِّهِ مُحَمَّد(صلى الله علیه وآله) فقالَ: (إِنَّمَا یُرِیدُ اللهُ لِیُذْهِبَ عَنْکُمُ الرّجْسَ أَهْلَ الْبَیْتِ وَیُطَهّرِکُمْ تَطْهِیراً)»(2).
فأطرق مروان برأسه وسکت. فقال (علیه السلام):
«أَبْشِرْ یَا بْنَ الزَّرْقاءِ بِکُلِّ ما تَکْرَهُ مِنَ الرَّسُولِ(صلى الله علیه وآله) یَوْمَ تَقْدِمُ عَلى رَبِّکَ فَیَسْأَلُکَ جَدّی عَنْ حَقِّی وَحَقِّ یَزیدَ».
فقام مروان غاضباً وذهب إلى الولید وأطلعه على ما سمع(3).
وطبق نقل ابن شهر آشوب لما سمع یزید بذلک (تساهل الولید فی أخذ البیعة من الإمام) عزله من المدینة وجعل مکانه مروان(4).