31 . سعی ابن عباس وعبدالله بن عمر لثنی الإمام(علیه السلام)

موقع سماحة آية الله العظمى مكارم الشيرازي(دام ظله).

صفحه کاربران ویژه - خروج
الترتيب على أساس
 
عاشوراء جذورها، أهدافها، حوادثها، معطیاتها
32 . رسالة الإمام الحسین(علیه السلام) لأهل الکوفة حین بعث إلیهم مسلم(علیه السلام)30 . دخول الإمام الحسین(علیه السلام) مکة

وأقام الحسین(علیه السلام) بمکة باقی شهر شعبان وشهر رمضان وشوال وذی العقدة وبمکة یومئذ عبدالله بن عباس وعبدالله بن عمر فأقبلا جمیعاً وقد عزما أن ینصرفا إلى المدینة حتى دخلا على الحسین(علیه السلام) فقال عبد الله بن عمر: یا أبا عبدالله اتق الله رحمک الله الذی إلیه معادک، فقد عرفت عداوة هذا البیت لکم وظلمهم أیّام، وقد ولی الناس هذا الرجل یزید بن معاویة، ولست آمن أن یمیل الناس إلیه لمکان هذه الصفراء والبیضاء، فیقتلوک ویهلک فیک بشر کثیر، فإنّی سمعت رسول الله(صلى الله علیه وآله) یقول: «حسین مقتول، فلئن خذلوه ولم ینصره لیخذلنهم الله إلى یوم القیامة» وأنا أشیر علیک أن تدخل فی صلح ما دخل فیه الناس وتصبر کما صبرت لمعاویة من قبل، فلعل الله أن یحکم بینک وبین القوم الظالمین.

 

فقال الحسین(علیه السلام):

«أَبا عَبْدِ الرَّحَمنِ! أَنَا أُبایِعُ یَزیدَ وَأَدْخُلُ فِی صُلْحِهِ، وقَدْ قَالَ النّبیُّ(صلى الله علیه وآله) فِیهِ وَفِی أَبِیهِ مـا قَالَ؟». فسکت ابن عمر ولم یحر جواباً.

فقال ابن عباس: صدقت فقد قال رسول الله(صلى الله علیه وآله): «ما لِی وَیزید لا بارکَ اللهُ فِی یزید فإنّهُ یَقتُلُ وَلَدی ووَلد ابنتی الحُسین بن عَلىٍّ وَالّذی نفسِی بِیَده لا یُقْتَلُ وُلدی بَینَ ظَهرانِی قَوم فَلا یَمنعونَهُ إلاّ خَالفَ اللهُ بَینَ قُلوبِهم وألسِنَتِهِم».

ثم بکى ابن عباس وبکى معه الحسین(علیه السلام) وقال له:

«یَا ابْنَ عَبّاس! تَعْلَمُ أَنّی ابْنُ بِنْتِ رَسُولِ اللهِ(صلى الله علیه وآله)».

فقال ابن عباس: اللّهم نعم لا نعرف فی الدنیا أحداً هو ابن بنت رسول الله غیرک وأن نصرک لفرض على هذه الاُمة کفریضة الصیام والزکاة التی لا تقبل أحداهما دون الأخرى.

فقال له الحسین(علیه السلام):

«یَا بْنَ عَبّاس! فَما تَقُولُ فِی قَوْم أَخْرَجُوا ابْنَ بِنْتِ رَسُولِ اللهِ(صلى الله علیه وآله) مِنْ دارِهِ وَقَرارِهِ وَمَوْلِدِهِ، وَحَرَمَ رَسُولِهِ وَمُجاوَرَةِ قَبْرِهِ وَمَوْلِدِهِ وَمَسْجِدِهِ، وَمَوْضِعِ مَهاجِرِهِ، فَتَرَکُوهُ خائِفاً مُرْعُباً لا یَسْتَقِرُّ فِی قَرار، وَلا یَأْوی فِی مَوْطِن، یُریدوُنَ فِی ذلِکَ قَتْلَهُ وَسَفْکَ دَمِهِ، وَهُوَ لَمْ یُشْرِکْ بِاللهِ شَیْئاً، وَلاَ اتَّخَذَ مِنْ دُونِهِ وَلیّاً، وَلَمْ یَتَغَیَّرْ عَمّا کانَ عَلَیْهِ رَسُولُ اللهِ».

فقال ابن عباس: ما أقول فیهم إلاّ:

(إِنَّهُمْ کَفَرُوا بِاللهِ وَبِرَسُولِهِ وَلا یَأْتُونَ الصَّلاَةَ إِلاَّ وَهُمْ کُسَالَى)(1). (یُراءُونَ النَّاسَ وَلا یَذْکُرُونَ اللهَ إِلاّ قَلِیلا * مُذَبْذَبِیْنَ بَیْنَ ذَلِکَ لاَ إِلَى هَؤُلاَءِ وَلاَ إِلَى هَؤُلاَءِ وَمَنْ یُضْلِلِ اللهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِیلا)(2).

 

ثم قال ابن عباس: فعلى مثل هؤلاء تنزل البطشة الکبرى، وأمّا أنت أباعبدالله فإنّک رأس الفخار ابن رسول الله وابن وصیه وفرخ الزهراء نظیرة البتول فلا تظن یا ابن رسول الله بأنّ الله غافل عمّا یعمل الظالمون وأنا من رغب عن مجاورتک ومجاورة بنیک فما له فی الآخرة من خلاق.

فقال الحسین(علیه السلام): «اللَّهُمَّ اشهّدْ».

فقال ابن عباس: جعلت فداک یا ابن رسول الله(صلى الله علیه وآله) کأنّک تنعى إلیّ نفسک، ولا ترید منّی أن انصرک، والله الذی لا إله إلاّ هو لو ضربت بین یدیک بسیفی حتى ینقطع وتنخلع یدای جمیعاً لما کنت أبلغ من حقک عشر العسیر، وها أنا بین یدیک فمرنی بأمرک.

فقال ابن عمر: اللّهم عفواً ذرنا عن هذا یا ابن عباس. ثم أقبل ابن عمر على الحسین وقال له: مهلاً أبا عبدالله عمّا أزمعت علیه وارجع إلى المدینة، وادخل فی صلح القوم ولا تغب عن وطنک وحرم جدّک ولا تجعل لهؤلاء القوم الذین لا خلاق لهم على نفسک حجّة وسبیلاً، وإن أحببت أن لا تبایع فإنّک متروک حتى ترى رأیک، فانّ یزید بن معاویة عسى أن لا یعیش إلاّ قلیلاً، فیکفیک الله أمره.

فقال الحسین(علیه السلام):

«أُف لِهذَا الْکَلامِ أَبَداً ما دامَتِ السَّماواتُ وَالاَْرْضُ! أَسْأَلُکَ بِاللهِ یا عَبْدَ اللهِ أَنَا عِنْدَک عَلى خَطَأ مِنْ أَمْری هذا؟ فَإِنْ کُنْتُ عِنْدَک عَلى خَطَأ فَرُدَّنی فَإِنّی أَخْضَعُ وَأَسْمَعُ وَأُطیعُ».

فقال ابن عمر: اللّهم لا ولم یکن الله تبارک وتعالى لیجعل ابن بنت رسول الله(صلى الله علیه وآله)على خطأ، ولیس مثلک فی طهارته وموضعه من رسول الله، أن یسلم على یزید بن معاویة باسم الخلافة، ولکن أخشى أن یضرب وجهک هذا الجسن الجمیل بالسیوف وترى من هذه الأمة ما لا تحب، فارجع معنا إلى المدینة، وإن شئت أن لا تبایع أبداً، واقعد فی منزلک.

«هَیْهاتَ یَا ابْنَ عُمَرَ! إِنَّ الْقَوْمَ لا یَتْرُکُونِی وَإِنْ أَصابُونی، وَإِنْ لَمْ یُصیبُونی فَلا یَزالُونَ حَتّى أُبایِعَ وَأَنَا کارِهٌ، أَوْ یَقْتُلُونی، أَما تَعْلَمُ یا عَبْدَ اللهِ! أَنَّ مِنْ هَوانِ هذِهِ الدُّنْیا عَلَى اللهِ تَعالى أَنَّهُ أُتِیَ بِرَأْسِ یَحْیىَ بْنِ زَکَرِیّا(علیه السلام) إِلى بَغِیَّة مِنْ بَغایا بَنی إِسْرائِیلَ وَالرَّأْسُ یَنْطِقُ بِالْحُجَّةِ عَلَیْهِمْ ؟! أَما تَعْلَمُ أَبَا عَبْدِ الرَّحْمنِ! أَنَّ بَنی إِسْرائِیلَ کانُوا یَقْتُلُونَ ما بَیْنَ طُلُوعِ الْفَجْرِ إِلى طُلُوعِ الشَّمْسِ سَبْعینَ نَبِیّاً ثُمَّ یَجْلِسُونَ فِی أَسْواقِهِم یَبیعُونَ وَیَشْتَرُونَ کُلُّهُمْ کَأَنَّهُمْ لَمْ یَصْنَعُوا شَیْئاً، فَلَمْ یُعَجِّلِ اللهُ عَلَیْهِمْ، ثُمَّ أَخَذَهُمْ بَعْدَ ذلِکَ أَخْذَ عزیز مُقْتَدِر; اِتَّقِ اللهَ أَبا عَبْدِ الرَّحْمنِ، وَلا تَدَعَنَّ نُصْرَتی وَاذْکُرْنی فِی صَلاتِکَ ... یَا ابْنَ عُمَرَ!فَإِنْ کانَ الْخُرُوجُ مَعی مِمّا یَصْعَبُ عَلَیْکَ وَیَثْقُلُ فَأَنْتَ فِی أَوْسَعِ الْعُذْرِ، وَلکِنْ ... اجْلِسْ عَنِ الْقَوْمِ، وَلا تَعْجَلْ بِالبَیْعَةِ لَهُمْ حَتّى تَعْلَمَ إِلى ما تَؤُولُ الاُْمُورُ».

ثم أقبل لتفت(علیه السلام) إلى عبدالله بن عباس وقال له:

«وأنت یَا ابْنَ عَبّاس! إِنَّکَ ابْنُ عَمِّ واِلدی، وَلَمْ تَزَلْ تَأْمُرُ بِالْخَیْرِ مُنْذُ عَرَفْتُکَ، وَکُنْتَ مَعَ والِدی تُشیرُ عَلَیْهِ بِما فیهِ الرَّشادُ، وَقَدْ کانَ یَسْتَنْصِحُکَ وَیَسْتَشیرُک فَتُشیرُ عَلَیْهِ بِالصَّوابِ، فَامْضِ إِلى الْمَدینَةِ فِی حِفْظِ اللهِ وَکَلائِهِ، وَلا یَخْفى عَلیَّ شَیءٌ مِنْ أَخْبارِک، فَإِنِّی مُسْتَوْطِنٌ هذا الْحَرَمَ، وَمُقیمٌ فیهِ أَبَداً ما رَأَیْتُ أَهْلَهُ یَحِبُّونی، وَیَنْصُرونی فَإِذا هُمْ خَذَلُونی اسْتَبْدَلْتُ بِهِمْ غَیْرَهُمْ، وَاسْتَعْصَمْتُ بِالْکَلِمَةِ الّتی قالَها إِبْراهیمُ الْخَلیلُ(علیه السلام) یَوْمَ أُلْقیَ فِی النّارِ: (حَسْبِیَ اللهُ وَنِعْمَ الْوَکیلُ) فَکانَتِ النّارُ عَلَیْهِ بَرْداً وَسَلاماً».

فبکى عبدالله بن عباس وابن عمر وبکى معهما الحسین(علیه السلام) ثم ودعهما وانصرف ورجع عبدالله بن عمر وابن عباس إلى المدینة(3).

فهذه الحوارات تفید حسم الإمام(علیه السلام) لموقفه مسبقاً خلافاً لرؤى أصحاب الأفکار المنحرفة، وکان یرى عظم الخطر الذی یهدد الإسلام إن استسلم لیزید وحکومة بنی أمیة التی عقدت العزم على القضاء على الهویة الإسلامیة.

نعم، اتخذ موقفه بالصمود حتى الإستماتة وعدم الإستسلام، ولم یستمع حتى لآراء بعض الأفراد کابن عباس وابن عمر فی الإعتزال والسکوت، لیکتفی بالنظر لشجرة الإسلام تقتلع من جذورها من قبل السلطة الأمویة الفاسدة. فقد أراد لهذه الشجرة البقاء والنمو ولو سقیت بدمه الطاهر.


1 . سورة التوبة، الآیة 54.
2 . سورة النساء، الآیة 142-143.
3 . فتوح ابن الأعثم، ج 5، ص 38-44; مقتل الحسین للخوارزمی، ج 1، ص 190-193.

 

32 . رسالة الإمام الحسین(علیه السلام) لأهل الکوفة حین بعث إلیهم مسلم(علیه السلام)30 . دخول الإمام الحسین(علیه السلام) مکة
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma