ناجى الإمام(علیه السلام) ربّه فی آخر لحظات عمره الشریف:
«اَللّهُمَّ! مُتَعالِیَ الْمَکانِ، عَظیمَ الْجَبَرُوتِ، شَدیدَ الِْمحالِ، غَنِیٌّ عَنِ الْخَلائِقِ، عَریضُ الْکِبْرِیاءِ، قادِرٌ عَلى ما تَشاءُ، قَریبُ الرَّحْمَةِ، صادِقٌ سابِغٌ النِّعْمَةِ، حَسَنُ الْبَلاءِ، قَریبٌ إِذا دُعیتَ، مُحیطٌ بِما خَلَقْتَ، قابِلُ التَّوْبَةِ لَمِنْ تابَ إِلَیْکَ، قادِرٌ عَلى ما أَرَدْتَ، وَمُدْرِکٌ ما طَلَبْتَ، وَشَکُورٌ إِذا شُکِرْتَ، وَذَکُورٌ إِذا ذُکِرْتَ، أَدْعُوک مُحْتاجاً، وَأَرْغَبُ إِلَیْکَ فَقیراً، وَأَفْزَعُ إِلَیْکَ خائِفاً، وَأَبْکی إِلَیْکَ مَکْرُوباً، وَاَسْتَعینُ بِکَ ضَعیفاً، وَأَتَوَکَّلُ عَلَیْکَ کافِیاً، أُحْکُمْ بَیْنَنا وَبَیْنَ قَوْمِنا، فَإِنَّهُمْ غَرُّونا وَخَدَعُونا وَخَذَلُونا وَغَدَرُوا بِنا وَقَتَلُونا، وَنَحْنُ عِتْرَةُ نِبَیِّکَ، وَوِلدُ حَبیِبکَ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، اَلَّذی اصْطَفَیْتَهُ بِالرِّسالَةِ وَائْتَمَنَنْتَهُ عَلى وَحْیِکَ، فَاجْعَلْ لَنا مِنْ أَمْرِنا فَرَجاً وَمَخْرَجاً بِرَحْمَتِکَ یا أَرْحَمَ الرّاحِمینَ».
وقال(علیه السلام): «صَبْراً عَلى قَضائِکَ یا رَبِّ لاَ إِلهِ سِواک، یا غِیاثَ الْمُسْتَغیثینَ، مالِیَ رَبٌّ سِواک، وَلا مَعْبُودٌ غَیْرُک، صَبْراً عَلى حُکْمِکَ یا غِیاثَ مَنْ لا غِیاثَ لَهُ، یا دائِماً لا نَفادَ لَهُ، یا مُحْیِیَ الْمَوْتى، یا قائِماً عَلى کُلِّ نَفْس بِما کَسَبَتْ، أُحْکُمْ بَیْنی وَبَیْنَهُمْ وَأَنْتَ خَیْرُ الْحاکِمینَ»(1).
حقّاً یا لها من مناجاة رفیعة وعمیقة المضامین هذه المناجاة التی جرت على لسان الإمام(علیه السلام) آخر لحظات عمره الشریف بذلک البدن المضمخ بالدماء والجروح وسط هالة من الأسى والحزن على فقد الأعزة والأصحاب ومستقبل مفعم بالقلق على النساء والبنات.
إنّها مناجاة تعج بالمعارف الربانیة وأقصى درجات الرضى والتسلیم، فلا من شکوى ولا جزع ولا وهن وعجز ولا یأس وشعور بالأحباط قط.
إنّها تفیض بمعانی الصبر والصمود والرضى والتسلیم للقادر المتعال. سلام الله علیک یا أبا الأحرار والآف التحیة والثناء یا أبا الضیم.