شروط الإنفاق

موقع سماحة آية الله العظمى مكارم الشيرازي(دام ظله).

صفحه کاربران ویژه - خروج
الترتيب على أساس
 
أسئلة قرآنیة
الإخلاص روح العبادة4. الإنفاق علامة التقوى

للإنفاق شروط إن لم تکن موجودة فیه فهو غیر مقبول، وکما ورد فی القرآن الکریم فإنّ هناک أربعة من الشروط المهمة على الأقل له:

1. ألاّ یترافق بالمنّ: یقول تعالى فی الآیة الشریفة (264) من سورة البقرة، یقول

تعالى: (یا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا لا تُبْطِلُوا صَدَقاتِکُمْ بِالْمَنِّ وَالأَذى ).

إنّ أوّل شرط للإنفاق عدم ترافقه بالمنّ، وهو بمعنى الوزن، بمعنى أنّه کما یؤدی حجر المیزان والمنّ الذی یساوی 3 کیلو غرامات إلى تثقیل الکفة، فإنّ المنّ على الفقراء له نفس ذلک الأثر الثقیل علیهم، وللأسف الشدید نلاحظ أنّه قد یساعد شخص شخصاً آخر ولکنه لا یترک الامتنان علیه حتى آخر حیاته بذلک، فمثلاً یقول له: (لولای لما کنت صاحب منزل أو مسکن) أو یقول له: (لولا مساعداتی لکنت الآن مسکیناً ووضعک تعیساً؟).

وکما ورد فی القرآن الکریم فإنّ المنّ یبطل الإنفاق، ولهذا قد ینفق إنسان ما جبلاً من الذهب ولکنّه بتلفظ عبارة فیها منّ یبطل ذلک العمل الکبیر!

سؤال: إذا کان المنّ أمراً غیر مناسب ومقبول، فلماذا نرى الله عزّ وجلّ فی بعض آیاته یمنّ على عباده، فمثلاً نقرأ فی الآیة (164) من سورة آل عمران ما یلی: (لَقَدْ مَنَّ اللهُ عَلَى الْمُؤْمِنِینَ إِذْ بَعَثَ فِیهِمْ رَسُولاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ ).

جواب: إنّ منّ الله عزّ وجلّ لیس باللسان بل بالعطاء والمنح، وحینما یقال: إنّ الله یمنّ أی إنّ الله یمنح ویعطی، وهذا الأمر لیس أمراً غیر مقبول، أما منّ الناس فیتمثل بتکرار ما أدّوه من خدمة عدّة مرات لیسمعه الطرف المقابل، ممّا یؤدی إلى أذى الطرف الذی تلقى تلک الخدمة وهذا الأمر قبیح، وبالنتیجة: إنّ الشرط الأول للإنفاق هو ألاّ یترافق مع المنّ.

2. ألاّ یترافق مع الأذى: کما مرَّ فی الآیة الشریفة (264) من سورة البقرة، فإنّ الشرط الثانی للإنفاق ألاّ یترافق مع الأذى، وألا یؤذى المحتاج باللسان، وللأسف الشدید نلاحظ أنّ بعض الناس أثناء إنفاقهم یخاطبون المحتاج قائلین:

(خذ ما تحتاج، ولکن لا تأتی إلینا مرّة أخرى) أو یقولون له: (لِمَ تأت إلینا وتضایقنا کل یوم؟) أو یقولون له: (لِمَ ترید هذا الکمّ من المساعدة فکم معدة لدیک؟) وهذه الجمل والعبارات تؤدی إلى تأذّی المحتاج وتبطل الإنفاق، ولهذا ینبغی ترکها

ولا یحقّ للمنفق أن یذهب بماء وجه المحتاج مقابل المساعدة القلیلة التی یعطیها.

ویقول القرآن الکریم حول کیفیة التعامل مع المحتاج وتجنّب الأذى أثناء الإنفاق ما یلی:

(قَوْلٌ مَعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَیْرٌ مِنْ صَدَقَة یَتْبَعُها أَذىً وَاللهُ غَنِیٌّ حَلِیمٌ ) (1).

وطبقاً لهذه الآیة الشریفة إذا طلب منکم فقیر مساعدة فقلت له: (أعتذر منک، وإنی بالفعل أشعر بالخجل لأننی لا أستطیع أن أساعدک الیوم فأرجو أن تسامحنی)، فإن هذا التصرّف أفضل من أن تعطیه رزمة من الأموال والنقود والعملات وتقول له: (أعطیک هذا الیوم ولکن إیّاک أن أراک مرّة أخرى).

ویعتبر القرآن الکریم هذا الإعتذار قولاً معروفاً، وأفضل من الإنفاق مترافقاً بالأذى، على الرغم من أنّ حاجة المحتاج لا ترتفع بالإعتذار ولکن کرامته تحفظ بذلک، وحفظ کرامة المسلم وماء وجهه تحظى بدرجة هامة جدّاً، والسرّ فی أنّ الغیبة تحتل تلک الدرجة من النفور والقبح لأنّ ماء وجه المغتاب یکون عرضة للخطر، وحفظ ماء الوجه عند بعض الأشخاص أهمّ من حفظ النفس، لأنّه یکون أحیاناً حاضراً للموت مقابل ألاّ یذهب بماء وجهه.

3. أن یکون الإنفاق بنیّة خالصة: إنّ الشرط الآخر للإنفاق أن یکون لجلب رضا الله عزّ وجلّ فحسب لا لغرض الریاء والتظاهر، أو لاستقطاب آراء الناس فی الانتخابات أو لجذب مدحهم وتمجیدهم له أو جمع المریدین والزبائن حوله، وأمور أخرى من هذا القبیل، بل یجب أن یکون هذا الإنفاق لکسب رضا الله عزّ وجلّ فقط وفقط.

ولننظر إلى هاتین الآیتین الکریمتین من القرآن الکریم اللتین ترسمان صورتین، إحداهما للإنفاق فی سبیل الله وفی سبیل رضاه، والأخرى للإنفاق بغرض الریاء والتظاهر.

یقول تعالى فی الآیة (264) من سورة البقرة واصفاً المرائی: (یا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا لا تُبْطِلُوا صَدَقاتِکُمْ بِالْمَنِّ وَالأَذى کَالَّذِی یُنْفِقُ مالَهُ رِئاءَ النَّاسِ وَلا یُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْیَوْمِ الآخِرِ فَمَثَلُهُ کَمَثَلِ صَفْوان عَلَیْهِ تُرابٌ فَأَصابَهُ وابِلٌ فَتَرَکَهُ صَلْداً لا یَقْدِرُونَ عَلى شَیْء مِمَّا کَسَبُوا وَاللهُ لا یَهْدِی الْقَوْمَ الْکافِرِینَ ).

وفی هذه الآیة نقطتان أساسیتان ینبغی الاهتمام بهما:

الأولى: وردت فی الروایات الشریفة أنه عندما تتلى هذه الآیات التی تبدأ ب (یا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا ) فیجب أن یقول المخاطب (لبیک) (2) أی على کل واحد من المسلمین بل على کل البشر الذین یخاطَبون بهذه الآیات القرآنیة أن یعملوا بمضمونها.

النقطة الثانیة: عمل الإنسان المرائی لا أصل أو جذر له، فلا یدوم، حیث یلاحظ الناس بسرعة هذا الرئاء، ممّا یؤدی إلى ذهاب مصداقیة ذلک الشخص لیس أمام الله فحسب بل أمام خلقه أیضاً.

لقد کانت تلک الآیة الکریمة تصویراً معبراً عن الإنفاق بدون قصد القربة إلى الله ولکن الآیة الکریمة (265) من سورة البقرة ترسم صورة من الإنفاق الخالص لوجه الله، حیث یقول تعالى: (وَمَثَلُ الَّذِینَ یُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللهِ وَتَثْبِیتاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ کَمَثَلِ جَنَّة بِرَبْوَة أَصابَها وابِلٌ فاتَتْ أُکُلَها ضِعْفَیْنِ فَإِنْ لَمْ یُصِبْها وابِلٌ فَطَلٌّ وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِیرٌ )وطبقاً لهذه الآیة الکریمة فإنّ الإنفاق الخالص لوجه الله یوجب تحکیم الفضائل الأخلاقیة فی أعماق وجود الإنسان، وتبعد عنه البخل وحب الدنیا بل تؤدی إلى تنمیة الفضائل الأخلاقیة فی الإنسان، والأشخاص الذین یعملون لرضى الله عزّ وجلّ فإنّ آثارهم تبقى خالدة وباقیة وأکثر جذباً، وأنّ المساجد العامرة والکتب التی تخطى بقراءة أکثر، والمدارس التی بنتها الشخصیات المهمّة وأهدتها للمجتمع، کلها علائم على إخلاص من قاموا بها، وکلما کان إخلاصهم أکثر کانت آثارهم خالدة أکثر وجذبت أکبر عدد من الناس.


1 . سورة البقرة، الآیة 262.
2 . وسائل الشیعة، ج 4، ص 753، ح 1.

 

الإخلاص روح العبادة4. الإنفاق علامة التقوى
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma