المقام الثانی: ما إذا کان أحدهما معلوم التاریخ والآخر مجهولاً

موقع سماحة آية الله العظمى مكارم الشيرازي(دام ظله).

صفحه کاربران ویژه - خروج
الترتيب على أساس
 
طریق الوصول إلى مهمّات علم الاُصول ج2
13. استصحاب حکم المخصّص المقام الأوّل: فی مجهولی التاریخ

ومثاله: ما إذا علمنا بوقوع الملاقاة فی یوم الأحد، ولا نعلم أنّ الکرّیة هل وقعت یوم السبت حتّى لا تؤثّر الملاقاة فی نجاسة الماء، أو وقعت بعد الأحد حتّى یکون الماء نجساً؟ فیجری فیه أیضاً الأقسام المذکورة فی المقام الأوّل، کما لا کلام فی ثلاثة منها هنا أیضاً، بل إنّما الإشکال فی مفاد لیس الناقصة.
والمراد منه ما إذا کان الأثر مترتّباً مثلا على عدم کون الماء کرّاً فی زمن الملاقاة وعلى عدم کون النجس ملاقیاً للماء إلى أن صار کرّاً،فقد حکم الشیخ الأعظم(رحمه الله)فیه بجریان استصحاب العدم فی خصوص مجهول التاریخ دون معلوم التاریخ، ومقتضى ما ذکره المحقّق الخراسانی(رحمه الله) عدم جریانه فیهما لما عرفت من شبهة انفصال زمان الشکّ عن زمان الیقین فیه أیضاً.
هذا بالنسبة إلى مجهول التاریخ، وأمّا معلوم التاریخ فذهب الشیخ الأعظم(رحمه الله)إلى عدم جریان استصحاب العدم فیه کما مرّ، وقد یتوهّم أنّه یجری الاستصحاب فیه أیضاً; لأنّ الکرّیة مثلا وإن کان وجودها معلوماً لنا بالنسبة إلى أجزاء الزمان ولکنّه مجهول بالنسبة إلى زمان الملاقاة، فالأصل عدم وجودها حین الملاقاة ومقتضاه النجاسة.
وقد اُجیب عنه بوجوه:
والعمدة: أنّ مفاد الاستصحاب هو الحکم ببقاء ما کان متیقّناً فی عمود الزمان وجرّه إلى زمان الشکّ فی الارتفاع، وفی المقام لا شکّ لنا فی معلوم التاریخ باعتبار عمود الزمان حتّى نجرّه بالتعبّد الاستصحابی.
وبعبارة اُخرى: لا شکّ لنا فی معلوم التاریخ فی زمان أصلا، فإنّه قبل حدوثه ـ المعلوم لنا وقته تفصیلا ـ لا شکّ فی انتفائه، وبعد حدوثه لا شکّ فی وجوده، بل الشکّ فیه إنّما هو بالقیاس إلى الآخر.
وقد ظهر إلى هنا أنّ الحقّ عدم جریان الاستصحاب فی معلوم التاریخ، فیجری فی مجهول التاریخ من دون معارض.
القول فی توارد الحالتین المتضادّتین فی محلّ واحد
وذلک مثل الوضوء والحدث إذا علمنا بالحدث ثمّ الوضوء ولا نعلم بأنّ الحدث کان قبل الوضوء أو الوضوء کان قبل الحدث.
والفرق بینه وبین ما سبق من توارد الحادثتین: أنّ الحالتین فی المقام لمکان تضادّهما لا یتصوّر فیهما التقارن، بخلاف الحادثتین کالملاقاة والکرّیة، فیمکن حدوثهما فی زمان واحد، کما أنّ الحادثتین لا تعرضان لمحلّ واحد فإنّ الملاقاة مثلاً تعرض الثوب والکرّیة تعرض الماء، بینما الحالتان المتعاقبتان تعرضان لمحلّ واحد کالوضوء والحدث فإنّهما عارضان لشخص واحد، مضافاً إلى أنّ الکلام فیما سبق وقع فی استصحاب عدم أحدهما إلى حال حدوث الآخر، وهاهنا یقع فی استصحاب وجود أحدهما أو عدمه إلى زمان خاصّ.
وفی المسألة أقوال:
1. ما یظهر من کلمات الشیخ الأعظم(رحمه الله) من التفصیل بین ما إذا کانا مجهولی التاریخ فیجری الاستصحاب فی کلیهما ویتعارضان فیتساقطان، وما إذا کان أحدهما معلوم التاریخ فیجری فیه دون مجهول التاریخ، على عکس ما سبق فی الحادثتین(1).
2. ما یظهر من المحقّق الخراسانی من عدم جریان الاستصحاب فیه مطلقاً(2).
3. الأخذ بضدّ الحالة السابقة على الحالتین إن کانت معلومة لنا، کما إذا علم أنّه قبل الحدث والوضوء منه کان محدثاً أو کان طاهراً، وهو منسوب إلى جماعة منهم المحقّق(رحمه الله) فی المعتبر(3).
أمّا القول الأوّل: وهو الصحیح، فیمکن أن یستدلّ له بأنّه إذا کانا مجهولی التاریخ فحیث إنّ أرکان الاستصحاب فی کلیهما تامّة فیجری فی کلیهما ویتساقطان، کما أنّ الأرکان تامّة فی خصوص معلوم التاریخ فیما إذا کان أحدهما معلوم التاریخ، دون مجهول التاریخ، وذلک ببیانین:
أحدهما: إنّ أمره دائر بین ما هو معلوم الارتفاع وما هو مشکوک الحدوث، فإذا علم بأنّه توضّأ عند الزوال مثلا وعلم أیضاً بحدوث الحدث، ولا یعلم أنّه کان قبل الزوال أو بعده فلا یجری استصحاب بقاء الحدث، لأنّه بالنسبة إلى قبل الزوال معلوم ارتفاعه، وبالنسبة إلى بعد الزوال مشکوک حدوثه.
ثانیهما: إنّه من أوضح مصادیق احتمال انفصال زمان الیقین عن زمان الشکّ، أی أنه من مصادیق الشبهة المصداقیة لدلیل «لا تنقض» لأنّ الحدث إن وقع قبل الزوال حصل الانفصال قطعاً ودخل فی قوله: «انقضه بیقین آخر» فلا یکون الاتصال محرزاً فی عمود الزمان، مع أنّ الاستصحاب استمرار لعمر المستصحب فی عمود الزمان کما مرّ.
وأمّا القول الثانی: من عدم جریان الاستصحاب مطلقاً، فلعدم إحراز اتصال زمان الشکّ بزمان الیقین حتّى فی معلوم التاریخ; لأنّه وإن کان تاریخ حدوثه معلوماً لنا ولکن اتصاله بزمان الشکّ الحاضر غیر معلوم لنا، لاحتمال انفصاله عنه وتخلّل ما هو المجهول تاریخه والمعلوم تحقّقه إجمالا بینهما.
ولکن مرّ الجواب عنه، فلا نعیده.
وأمّا القول الثالث: وهو الأخذ بضدّ الحالة السابقة فالوجه فیه هو القطع بارتفاع الحالة السابقة بوجود ما هو ضدّها قطعاً، والشکّ فی ارتفاعه بعد ذلک، فیکون مجرى للاستصحاب.
ولکن یرد علیه: بأنّه کما أنّ ضدّ الحالة السابقة حادث قطعاً ثمّ شکّ فی ارتفاعه، کذلک الحادث الآخر الموافق للحالة السابقة، فإنّه أیضاً قطعی الوجود ومشکوک الارتفاع فیستصحب ویقع التعارض ویتساقطان.


1. فرائد الاُصول، ج 3، ص 254.
2. کفایة الاُصول، ص 421 و 422.
3. المعتبر فی شرح المختصر، ص 171.
13. استصحاب حکم المخصّص المقام الأوّل: فی مجهولی التاریخ
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma