15. النسبة بین الاستصحاب وسائر الاُصول العملیّة

موقع سماحة آية الله العظمى مكارم الشيرازي(دام ظله).

صفحه کاربران ویژه - خروج
الترتيب على أساس
 
طریق الوصول إلى مهمّات علم الاُصول ج2
16. تعارض الاستصحابین14. تقدّم الأمارات على الاستصحاب

والکلام فیه أیضاً یکون فی وجه تقدیم الاستصحاب على سائر الاُصول، وإلاّ لا إشکال فی أصل تقدّمه علیها، بل ادّعى اتفاق الأصحاب علیه.
وأعلم أنّ الاُصول العملیّة على قسمین: عقلیّة وشرعیّة، أمّا العقلیّة فهی ثلاثة: البراءة العقلیّة المستفادة من قاعدة قبح العقاب بلا بیان، والاحتیاط العقلی فی أطراف العلم الإجمالی وشبهه، والتخییر العقلی فی دوران الأمر بین الواجب والحرام.
نعم قد مرّ فی مبحث البراءة أنّ المختار أنّها عقلائیّة لا عقلیّة; لأنّ العقل کما یحکم فی موارد العلم الإجمالی بالاحتیاط یحکم به فی موارد الشبهات البدویة أیضاً، لما مرّ هناک من أنّ مقاصد المولى لا تکون أقلّ أهمیة من مقاصد العبد نفسه، فکما أنّ العقل یحکم بالاحتیاط فیما إذا احتمل العبد کون هذا الطعام مثلا مضرّاً ضرراً معتدّاً به حفظاً لمقاصده الشخصیة، کذلک یحکم به فیما إذا احتمل کون هذا الشیء مبغوضاً لمولاه.
وعلى هذا فالاُصول العقلیّة إثنان لا ثالث لهما، نعم إنّ بناء العقلاء قام على البراءة، فلا یؤاخذون العبید والمأمورین بشیء قبل البیان الواصل إلیهم، وقد أمضاه الشارع أیضاً، ولکنّه لیس فارقاً فیما هو المهمّ فی المقام، لأنّ موضوع البراءة سواء کانت عقلیّة أو عقلائیّة هو عدم البیان، وبعد قیام الاستصحاب یتبدّل عدم البیان إلى البیان.
وکیف کان لا إشکال فی أنّ الاستصحاب وارد على الاُصول العقلیّة لأنّ موضوعها یرتفع به، أمّا البراءة فلما عرفت آنفاً، وأمّا الاحتیاط، فلأنّ موضوعه عدم الأمن من العقوبة فیما إذا علم إجمالا بکون ما فی أحد الإناءین خمراً مثلا، ومع استصحاب کون أحدهما خلاًّ ینحلّ العلم الإجمالی من أصله ویحصل الأمن من العقاب، وهکذا فی التخییر، فإنّ موضوعه عدم الترجیح بین المحذورین والاستصحاب مرجّح، هذا فی الاُصول العقلیّة.
وأمّا الاُصول الشرعیّة المنحصرة فی البراءة الشرعیّة، فقد وقع النزاع فی وجه تقدیم الاستصحاب علیها، فذهب المحقّق الخراسانی(رحمه الله) إلى أنّ الاستصحاب وارد على البراءة الشرعیّة بمعنى کونه رافعاً لموضوعها بعد قیامه.
وذلک لأنّه لو أخذنا بدلیل الاستصحاب لم یلزم منه شیء سوى ارتفاع موضوع سائر الاُصول بسببه، وهذا لیس بمحذور، وأمّا لو أخذنا بدلیل البراءة الشرعیّة دون الاستصحاب فیلزم منه إمّا التخصیص بلا مخصّص إن رفعنا الید عن الاستصحاب الجاری فی مورد البراءة الشرعیّة بدون مخصّص لدلیله، وإمّا التخصیص على وجه دائر إن رفعنا الید عنه لأجل کون البراءة الشرعیّة مخصّصة لدلیله، فإنّ مخصّصیتها له ممّا یتوقّف على اعتبارها معه، واعتبارها معه ممّا یتوقّف على مخصّصیتها له، وهو دور محال(1).
والأولى أن یقال: إنّ الوجه فی التقدیم: کون أدلّة الاستصحاب بعد ملاحظة التأکیدات الکثیرة والعبارات المترادفة المتعدّدة فیها أقوى وأظهر دلالة من أدلّة البراءة، فالمرجّح إنّما هو الأظهریة والأقوائیة فی الدلالة، ویؤیّده أنّ ألسنة بعض روایاته کقوله(علیه السلام): «فلیس ینبغی أن تنقض الیقین بالشکّ» فی الصحیحة الثانیة لزرارة وقوله(علیه السلام): «فإنّ الشکّ لا ینقض الیقین» فی خبر الخصال آب عن التخصیص لا سیّما بعد کون التعلیل بأمر إرتکازی عقلی.


1. کفایة الاُصول، ص 430.

 

16. تعارض الاستصحابین14. تقدّم الأمارات على الاستصحاب
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma