وجه تقدیم الاستصحاب على القرعة

موقع سماحة آية الله العظمى مكارم الشيرازي(دام ظله).

صفحه کاربران ویژه - خروج
الترتيب على أساس
 
طریق الوصول إلى مهمّات علم الاُصول ج2
الأصول العملیّة / شرایط جریان الأصول 17. نسبة الاستصحاب مع القواعد الجاریة فی الشبهات الموضوعیّة



حاصل ما أفاده المحقّق الخراسانی(رحمه الله) فی وجه تقدیمه على القرعة اُمور ثلاثة:
الأوّل: أنّ دلیل الاستصحاب أخصّ من دلیل القرعة لأنّ الاستصحاب ممّا یعتبر فیه سبق الحالة السابقة دون القرعة.
إن قلت: إنّ النسبة بین الاستصحاب والقرعة هی العموم من وجه; لأنّ الاستصحاب أخصّ من القرعة لاعتبار سبق الحالة السابقة فیه والقرعة أیضاً أخصّ من الاستصحاب لاختصاصها بالشبهات الموضوعیّة بالإجماع بل بالضرورة.
قلت: إنّ المهمّ نسبتهما قبل تخصیص أحدهما بشیء، فتخصیص القرعة بالشبهات الموضوعیّة بالإجماع والضرورة لا یوجب خصوصیّة فی جانبها بعد عموم دلیلها بحسب اللفظ.
الثانی: أنّ عموم دلیل القرعة موهون بکثرة تخصیصه حتّى صار العمل به فی مورد محتاجاً إلى الجبر بعمل الأصحاب بخلاف الاستصحاب فیکون عمومه باقیاً على قوّته فیقدّم على عمومها.
الثالث: أنّ الموضوع فی جریان القرعة کون الشیء مشکلا بقول مطلق; أی واقعاً وظاهراً، لا فی الجملة، ودلیل الاستصحاب یرفع الشبهة فیکون وارداً على دلیل القرعة و رافعاً لموضوعه ظاهراً، وهذا یکفی لتقدّم الاستصحاب علیه.
والحقّ عدم تمامیة الوجه الأوّل والثانی: أمّا الأوّل فلأنّ دلیل القرعة لیس عامّاً من أوّل الأمر، لأنّ الإرتکاز العقلائی والمتشرّعی الموجود على اختصاصها بالشبهات الموضوعیّة یوجب انصرافها إلى الشبهات الموضوعیّة من أوّل الأمر، فدلیل القرعة أخصّ من دلیل الاستصحاب بناء على القول بجریان الاستصحاب فی الشبهات الموضوعیّة والحکمیّة.
وأمّا الثانی، فیرد علیه: أنّ القرعة لم تخصّص فی مورد فضلا عن کونها موهونة بکثرة التخصیصات; لأنّ موضوعها کلّ أمر مجهول، وهو لا یعنی کلّ أمر مشکوک، بل إنّما هو بمعنى سدّ جمیع الأبواب والطرق، کما هو کذلک فی مثل ولد الشبهة أو الغنم الموطوءة وغیرهما ممّا ورد فی أحادیث الباب، ففی مورد المثال الأوّل لا بیّنة تعیّن بها خصوص الموطوءة، ولا استصحاب لعدم سبق الحالة السابقة، ولا تجری أصالة الاحتیاط للزوم الضرر العظیم بترک قطیع الغنم کلّها، وفی مثال ولد الشبهة لا طریق لإحراز أمر الولد وتخییر القاضی مظنّة التشاحّ والتنازع، فلا یبقى طریق إلاّ القرعة.
والحاصل: أنّ القرعة إنّما تجری فی موارد لا یبقى طریق ـ من الأمارات والاُصول ـ لحلّ المشکلة إلاّ القرعة، فالصحیح فی المقام هو الوجه الثالث; من أنّ أدلّة الاستصحاب واردة على أدلّة القرعة لأنّ بها یرتفع المجهول موضوعاً، کما أنّها کذلک بالنسبة إلى أدلّة سائر الاُصول وجمیع الأمارات والقواعد.
ثمّ إنّ شیخنا الأعظم(رحمه الله) قد فرّق بین الاُصول الشرعیّة کالاستصحاب وبین الاُصول العقلیّة، فقال بورود الاُصول الشرعیّة على القرعة خلافاً للاُصول العقلیّة کالبراءة العقلیّة فإنّ القرعة واردة علیها لأنّ موضوعها «لا بیان» والقرعة بیان(1).
وبما ذکرنا ظهر ضعف هذا الکلام; لأنّ موضوع القرعة ـ کما قلنا ـ هو المجهول المطلق الذی لا طریق لحلّه، وهو لیس حاصلا حتّى فی موارد البراءة والاحتیاط العقلیین، ولذلک لا یتمسّک حتّى الشیخ(رحمه الله) نفسه بدلیل القرعة فی أطراف العلم الإجمالی، مع أنّ وجوب الاحتیاط فیها من الاُصول العقلیّة.
وتمام الکلام فی قاعدة القرعة یطلب من محلّه(2).


1. فرائد الاُصول، ج 3، ص 385 و 386.
2. اُنظر کتابنا: القواعد الفقهیّة، ج 1، ص 313 ـ 363.


الأصول العملیّة / شرایط جریان الأصول 17. نسبة الاستصحاب مع القواعد الجاریة فی الشبهات الموضوعیّة
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma