الأقسام الأربعة

موقع سماحة آية الله العظمى مكارم الشيرازي(دام ظله).

صفحه کاربران ویژه - خروج
الترتيب على أساس
 
الأقسام القرآنیة
شرح وتفسیر المقسم له ملاحظات تفسیریة


(فَلاَ أُقْسِمُ بِالشَّفَقِ); بالنسبة لمعنى کلمة الشفق هناک قولان:
1. المقصود به الحمرة فی الاُفق بعد غروب الشمس أو قبل طلوعها.
2. البیاض المنیر فی الاُفق بعد انتهاء الحمرة المذکورة.
توضیح ذلک: إنّ الاُفق بعد غروب الشمس یتلون بلون الحمرة، ویعتقد البعض بأنّ هذه الحمرة هی الشفق، ومن هنا شبّه دم الشهید بالشفق على أساس هذا التفسیر، وبعد زوال الحمرة المذکورة یظهر بیاض شفاف فی الاُفق حیث ذهب البعض إلى أنّه هو المراد من کلمة الشفق، ولا تفاوت مهم بین هذین المعنیین، المهم أنّ الله تعالى أقسم بذلک المنظر الخاص الذی یظهر فی الاُفق قبل طلوع الشمس أو بعد غروبها.
سؤال: ما هو دور الشفق فی حیاة الإنسان بحیث إنّ الله تعالى یقسم به؟
الجواب: إذا سادت بعد غروب الشمس ظلمة اللیل مباشرة وخیم الظلام الدامس فی الأجواء بعد غروب الشمس، أو أنّ ضوء النهار أحاط بالأجواء بعد طلوع الشمس مباشرة، فإنّ ذلک من شأنه إلحاق الضرر بأعیننا ویؤثر تأثیراً سلبیاً على أعصابنا، ولکن مع الأخذ بالحسبان ظهور الشفق بعد غروب الشمس وتحرکه بالتدریج نحو الظلام فإنّ ذلک من شأنه تهیئة الظروف المناسبة للعین لتستعد لحلول الظلمة، أو بالنسبة لطلوع الشمس فالشفق یعمل على تهیئة الأجواء تدریجیاً لتستعد العین لصوء النهار بحیث لا یؤذی ذلک خلایا العین ولا یخلف تأثیراً سلبیاً على الأعصاب. وعلى سبیل المثال عندما ینقطع التیار الکهربائی فجأة فسوف نعیش لحظات فی ظلام دامس وهذا من شأنه ارباک القوة الباصرة وإلحاق الضرر بالعین بحیث لا نرى شیئاً فی جوانبنا، وبعد أن تعتاد العین على هذه الظلمة تستطیع تدریجیاً أن ترى ما یحیط بها من أشیاء، وکأنّ الله تعالى عندما أقسم بالشفق یرید منّا الالتفات إلى هذا الدور المهم والحساس للشفق فی حیاة الإنسان.
(وَاللَّیْلِ وَمَا وَسَقَ); إنّ فوائد وبرکات النور جلیّة ولا تخفى على أحد، ولکن هل لظلمة اللیل التی أقسم الله تعالى بها فی هذه الآیة فائدة ومنفعة فی حرکة الحیاة والإنسان؟
وردت آیات عدیدة تؤکد على أنّ ظلمة اللیل نعمة إلهیّة وهنا نشیر إلى جملة من فوائد وبرکات هذا الظلام:
1. إنّ الله تعالى خلق اللیل لیکون سکناً ومصدراً للسکینة والاطمئنان والهدوء الروحی والنفسی، إنّ الهدوء الروحی الذی یحصل علیه الإنسان فی ظلام اللیل لا یمکنه تحصیله أبداً فی ساعات النهار، لأنّ أجهزة البدن تستعد للاستراحة عندما یحل ظلام اللیل وتخفف من نشاطاتها وفعالیتها، ولکنّها بالنهار وعند استیلاء الضیاء على أجواء الحیاة فإنّ أجهزة البدن تنشط وتزداد فاعلیتها، وعلى هذا الأساس فأفضل ساعات النوم هی ساعات اللیل، والحقیقة أنّ الله تعالى إذا جعل النهار أبدیاً ومستمراً، فمَن بإمکانه أن یأتی بظلام اللیل لیعیش البشر حالة السکینة والهدوء الروحی والاستراحة من تعب النهار والعمل؟
2. إنّ اللیل یعمل على التخفیف والتقلیل من حرکة الأنسجة الجسمیة ونشاط الأجهزة البدنیة، فلو استمر النهار وبقی لأیّام طویلة وفقد الإنسان سنات اللیل وستائر الظلام، فإنّ أهل الحرص والطمع من أتباع الدنیا سوف یستمرون فی أعمالهم ونشاطهم بدون استراحة، حتى یستولی علیهم العطب والعطل.
إنّ الله تعالى أجبر هؤلاء الأشخاص على التوقف عن أعمالهم وأفعالهم بحلول اللیل، وبذلک حفظ حیاتهم وأبقى على حیویة قواهم وأبدانهم.
3. إنّ اللیل بمثابة جهاز عظیم للتهویة حیث یتبدل الهواء بشکل طبیعی فی ساعات اللیل، فلولا حلول اللیل، أی لو بقیت الشمس مشرقة لعدّة أیّام وبدون توقف فسوف تحرق أشعة الشمس کل شیء وستتعرض حیاة الکائنات الحیّة على الکرة الأرضیة لخطر الفناء.
وکما تقدّم آنفاً أنّ النهار على سطح القمر یعادل 14 یوماً متوالیة، واللیل یعادل 14 یوماً، أی أنّ الیوم الکامل بلیله و نهاره على سطح القمر یعادل شهراً واحداً، وبذلک فإنّ درجة الحرارة ترتفع فی النهار إلى 300 درجة حراریة وطبیعی أنّ هذه الدرجة المرتفعة بإمکانها إحراق کل شیء قابل للاشتعال، کما أنّ درجة الحرارة تنخفض فی منتصف اللیل بحیث یتجمد کل شیء فی حین أنّ المسافة بین القمر والشمس هی کالمسافة بین الأرض والشمس، ولا اختلاف بینهما سوى بمقدار 300 أو 400 کیلومتر فقط.
النتیجة، إنّ اللیل یختزن فوائد وبرکات کثیرة ومهمّة، ولهذا السبب أقسم الله تعالى باللیل، وقد أقسم الله تعالى بظلام اللیل وبالکائنات التی تتوجه إلى مخابئها ومساکنها فی حلول اللیل لتأخذ قسطاً من الراحة، وهذا القسم من أجل تحریک أذهان الغافلین عن هذه الآیات الإلهیّة، وإزاحة الستار عن هذه الحقیقة السماویة ومعرفة أهمیّتها، وبالتالی معرفة خالقها الذی منح البشر هذه النعمة العظیمة لیتحرکوا فی خط الطاعة والعبودیة.
(وَالْقَمَرِ إِذَا اتَّسَقَ); نحن نشاهد حالات مختلفة للقمر، فی البدایة یظهر على شکل الهلال، ثم یکبر شیئاً فشیئاً حتى یصیر بدراً کاملاً، ثم یقل تدریجیاً ویضعف نوره إلى أن یصل فی النهایة إلى المحاق ویختفی من أمام نظر الإنسان. ولا شک فی أنّ أجمل حالة للقمر هی عندما یکون بدراً کاملاً، ولهذا السبب فقد أقسم الله تعالى بالقمر فی تلک الحالة، أی لیلة الرابع عشر من الشهر عندما یصیراً بدراً کاملاً ویضیء بنوره دیالج اللیل، هذا المصباح المنیر الذی یمزق أستار الظلام بنوره الهادىء بحیث یمنح النائم هدوءً ولا یزعزع من راحته ونومه، هذا النور الهادىء والجمیل وهبه الله تعالى للإنسان فی اللیالی المقمرة بحیث یحوّل أجواء اللیل الحالکة إلى أجواء مؤنسة وجمیلة.
ولا یفوتنا تفسیر أنّ الأقسام الأربعة فی هذه الآیات تتضمن عنصراً مشترکاً وهی أنّها تتحدث عن اللیل، «الشفق» بدایة أو انتهاء کل لیلة، «البدر الکامل» یتعلق بمنتصف اللیل الرابع عشر من الشهر، و«ظلام اللیل» والموجودات التی تأوی إلى أوکارها فی اللیل لتنال قسطاً من الراحة وتستعید قواها لحیاة جدیدة فی النهار القادم.
 

شرح وتفسیر المقسم له ملاحظات تفسیریة
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma