لماذا کل هذه الأقسام؟

موقع سماحة آية الله العظمى مكارم الشيرازي(دام ظله).

صفحه کاربران ویژه - خروج
الترتيب على أساس
 
الأقسام القرآنیة
الحکمة من وجود المشاکل والبلایا ما المقصود بالظلمات الثلاث؟


سؤال: بعد أن تبیّن معنى الأقسام الثلاثة ومصادیقها نشیر الآن إلى بعض خفایا وزوایا أهمیة مضامین هذه الأقسام، وینبغی أن نرى لأجل أی شیء ومن أجل أی موضوع مهم دعانا الله للتأمل فیه وأقسم به؟
الجواب: إنّ الآیة الشریفة التالیة تجیب عن هذا السؤال:
(لَقَدْ خَلَقْنَا الاِْنسَانَ فِی کَبَد); أی، أقسم بمدینة مکّة المکرمة التی جعلها الله مأوى للعالمین ورحمة لعباده، وأقسم بالنبی إبراهیم وولده إسماعیل(علیهما السلام) وأقسم بالنبی آدم(علیه السلام)وذریته أننا خلقنا الإنسان فی حالات التعب والألم والمشقّة فی واقع الحیاة.
کلمة «کبد» فی الأصل تعنی مرضاً خاصّاً یصیب الإنسان ثم یسری إلى کبده، ولکن بعد ذلک اطلقت على کل ألم، والمقصود أنّه: أیّها الناس إذا کنتم تتصورون أنّ الحیاة فی الدنیا تمرّ بدون تعب ومشقة وألم، فأنتم مخطئون وهذا التصور باطل، فالإنسان یواجه فی حرکة الحیاة مشاکل وتحدیات کثیرة، ولذلک لا تجدون فی جمیع مناطق المعمورة إنساناً یعیش بدون مشکلة وتعب.
یروى أنّ شخصاً فی الماضی کان یعیش مرض «الکآبة(1)» المزمنة، ویوماً بعد آخر یسوء حاله أکثر وتتدهور صحته، فقال له طبیب: «إذا رأیت شخصاً یعیش بدون همّ وغم فخذ قمیصه والبسه فسوف تعود إلیک صحتک وعافیتک».
فانتشر أقرباؤه ورفقاؤه للبحث عن هذا الشخص بهذه المواصفات بین الناس والأرحام والجیران وأهل المدن الأخرى، ولکنّهم کلما تحدّثوا مع شخص وجدوه مبتلى بمشکلة ویعیش فی مواجهة مسائل مؤلمة، فاضطروا أخیراً إلى التوجه للمناطق البعیدة والقرى والقصبات النائیة واستمروا فی البحث لیل نهار عن شخص لا یعیش الهم والمشاکل، ولکنّهم کلما سعوا للعثور على مثل هذا الشخص باءت مساعیهم بالفشل ولم یحصلوا على نتیجة مرجوة وتدریجیاً أخذ الیأس یسری فی نفوسهم وبانت علائم فقدان الأمل على وجوههم إلى أن وجدوا یوماً شاباً من الرعاة فی الصحراء کان غارقاً فی جو السرور والفرح وهو یغنی ویضرب على عوده، فأشرقت ملامح الأمل فی عیونهم واقتربوا منه وسألوه عن وجود مشکلة لدیه، فهو لا یملک زوجة ولا أطفال ولا یواجه مشکلة مع الجیران ولا مشکلة إداریة ولا مشکلة مسکن، ولا مشکلة المرض، ولا مشکلة القرض ولا أی مشکلة أخرى، فقالوا: نحن نحتاج لقمیصک تعیرنا إیّاه لیلبسه مریض من أرحامنا لیشفى من مرضه، فقال: للأسف فإنّی لا أملک قمیصاً.
وهکذا عندما علم ذلک المریض الکئیب أنّه لا یوجد شخص فی الدنیا لا یواجه مشکلة فإنّه تغلب على مرضه، وعندما علم بمشاکل الآخرین نسی مشکلته وکآبته.
وهذه القصة سواءً کانت واقعیة أم اسطورة، فإنّها على أیّة حال تکشف عن حقیقة لا تقبل الإنکار وهی التی أشارت إلیها الآیة الشریفة أنّ جمیع أفراد البشر یعیشون الألم والتعب والمشکلات العدیدة فی واقع الحیاة، وأنّ الله تعالى من أجل إلفات نظرنا إلى هذه الحقیقة أقسم بهذه الأقسام الثلاثة.
 


(1) . إنّ مرض الکآبة مرض صعب ومؤلم، وللأسف انتشر هذا المرض فی عصرنا الحالی، وله أسباب وعوامل مختلفة ومتعددة، أهمها فقدان أو ضعف الإیمان. والذی یملک إیماناً قویاً وراسخاً فمن المحال أن یصاب بهذا المرض أو یقتل نفسه وینتحر، ولیس هذا مجرّد ادّعاء منّا بل إنّ الآیات القرآنیة جاءت مؤیدة لذلک; لهذا نقرأ فی الآیة 64 من سورة یونس: (لَهُمُ الْبُشْرَى فِى الْحَیَاةِ الدُّنْیَا وَفِى الاْخِرَةِ)، وذلک لأنّهم یتسلحون فی مواجهة المشاکل والصعاب والابتلاءات بالصبر والحلم، ویعیشون فی حال المرض حالات الشکر لله تعالى. وعلیه فإنّ أهم علاج ودواء لمرض الکآبة هو تقویة أواصر الإیمان والتوجه إلى الله تعالى.

 

الحکمة من وجود المشاکل والبلایا ما المقصود بالظلمات الثلاث؟
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma