هدایة القرآن

موقع سماحة آية الله العظمى مكارم الشيرازي(دام ظله).

صفحه کاربران ویژه - خروج
الترتيب على أساس
 
الأقسام القرآنیة
السماء فی القرآن لماذا کل هذه الأقسام؟

والآن عند الحدیث عن القرآن الکریم نرى من المناسب أن نتعرف أکثر على هذا الکتاب السماوی المصون من التحریف والمشحون بالمعارف الإلهیّة.
ومن أجل تحقیق هذا الهدف هناک طرق کثیرة، أحدها مطالعة نهج البلاغة لأمیر المؤمنین الإمام علی(علیه السلام)، وهنا اخترنا عدّة کلمات وردت فی الخطبة 176 من نهج البلاغة تتحدث عن القرآن الکریم:
«وَاعْلَمُوا أَنَّ هذَا الْقُرْآنَ هُوَ النّـاصِحُ الَّذی لا یَغُشُّ والهادِی الّذی لا یُضلُّ وَالمُحَدِّثُ الّذی لا یَکذِب».
إنّ أفراد البشر الذین یتحرکون من موقع تقدیم النصیحة للآخرین ربّما یدفعهم لذلک دافع الأهواء أو المنافع الشخصیة ویهدفون لتحقیق مصالحهم، وبالتالی یترتب على ذلک خیانة للطرف المقابل، ولکنّ القرآن الکریم هو الناصح الذی لا یخون صاحبه ولا یغشه.
«وَالْهـادِى الَّذی لا یُضِلُّ».
والأشخاص الذین یتولون زمام هدایة الناس ویتعاطون شأن الإرشاد الدینی والأخلاقی ربّما یقعون فی شراک الوساوس الشیطانیة والأهواء النفسانیة من حیث لا یشعرون وبالتالی یقودون الآخرین عمداً أو سهواً فی خط الانحراف، ولکن هناک من یتولى شأن الهدایة بدون نقص أو قصور ولا یُضلّ الإنسان أو یدفعه فی طریق المتاهة أبداً، وهو القرآن الکریم.
«وَالْمُحَدِّثُ الَّذی لا یَکْذِبُ».
إنّ الخطیب کلما کثر کلامه فإنّ احتمال وقوعه فی الخطأ ومخالفة الواقع تزداد بنفس النسبة، أمّا القرآن الکریم فهو الخطیب الذی لا یکذب اطلاقاً، فالقرآن یکشف الوقائع ویعمل على إزالة الغبار عن الحقائق ویبدیها للناس کما هی، بدون أی زیادة أو نقیصة، فلا یخلق تشویشاً بین الإنسان والحقیقة.
ألا ینبغی أن نتعرف أکثر على الکتاب الذی لا یغش فی نصیحته، ولا یضلّ فی هدایته، ولا یکذب فی کلامه، ونجعل منه معیاراً لأعمالنا، ومنهجاً لسلوکنا، وسراجاً لإضاءة طریقنا فی حرکة الحیاة؟
ویضیف الإمام علی(علیه السلام):
«وَمـا جـالَسَ هذَا الْقُرْآنَ أَحَدٌ إِلاّ قـامَ عَنْهُ بِزِیـادَة أَوْ نُقْصـان، زِیـادَة فِی هُدًى، أَوْ نُقْصـان مِنْ عَمىً».
سؤال: إنّ القاریء للقرآن، على حد تعبیر الإمام علی(علیه السلام) یجد فی نفسه زیادة فی معارفه أو فضائله الأخلاقیة، أو نقصاناً من جهله أو رذائله الأخلاقیة؟ ولکن هل یتحقق هذا الأمر فی کل جلسة قرآنیة یشترک فیها الإنسان لتلاوة القرآن؟
الجواب: وفقاً لهذه الروایة المذکورة، فإنّ المؤمن فی کل جلسة من جلسات القرآن یحصل له هذا الأثر الإیجابی.
ومهما یکن من أمر فإنّ معنى الکلام المذکور فی هذه الروایة أنّ عملیة هدایة القرآن لا تنتهی عند حدّ کما أنّ بعض الآیات القرآنیة تشیر إلى هذا الأمر، مثلاً تقول الآیة 124 من سورة التوبة:
(وَإِذَا مَا أُنزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ مَّنْ یَقُولُ أَیُّکُمْ زَادَتْهُ هَذِهِ إِیمَاناً فَأَمَّا الَّذِینَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِیمَاناً وَهُمْ یَسْتَبْشِرُونَ * وَأَمَّا الَّذِینَ فِی قُلُوبِهِمْ مَّرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْساً إِلَى رِجْسِهِمْ وَمَاتُوا وَهُمْ کَافِرُونَ).
أجل، فالجلوس مع القرآن والاقتباس من أنواره ومعارفه یزید المؤمنین إیماناً، ولکن بالنسبة للکفّار یؤدی إلى المزید من إضلالهم وابتعادهم عن الحق والخیر.
سؤال آخر: کیف یزید القرآن من ضلال الکفّار ومرضهم؟
الجواب: إنّ القرآن لا یعمل على زیادة کفرهم وضلالهم، بل إنّ السبب فی ذلک هو مخالفتهم للقرآن وتمردهم على التعالیم الإلهیّة ممّا یزید فی عذابهم وتوغلهم فی خط الباطل والشر والضلالة.
ربّنا! اجعلنا من الذین یزدادون إیماناً بتلاوتهم لکل آیة من آیات القرآن الکریم وطهر قلوبنا بتلاوته من الشوائب الدنیویة والرذائل الأخلاقیة.
ربّنا! وفقنا للتدبر والتفکر فی آیات القرآن الکریم والاستلهام من أنواره والاستهداء بتعالیمه.
سؤال ثالث: نحن نعلم أنّ القرآن الکریم لم ینزل لغرض التلاوة فقط، بل الهدف الأساس هو التدبر والتفکر فی مضامینه العالیة ومعارفه العمیقة ثم العمل بتعالیمه والتحرک على صعید الواقع والممارسة لتجسید أحکامه وقیمه کما تقول الآیة 29 من سورة ص: (کِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَیْکَ مُبَارَکٌ لِیَدَّبَّرُوا آیَاتِهِ وَلِیَتَذَکَّرَ أُوْلُوا الاَْلْبَابِ).
وعلى هذا الأساس فالهدف الأصلی من القرآن هو التدبر فی آیاته، ولکن من جهة أخرى ورد فی الروایات الشریفة النهی عن التفسیر بالرأی، ونعلم أنّ المقصود هنا هو العقل والتفکیر، أی النهی عن التدبر والتفکیر فی الآیات القرآنیة، ألا یتقاطع هذان المعنیان؟
الجواب: ذهب العلماء والمفسّرون الکبار إلى أنّ المراد من التفسیر بالرأی هنا، تفسیر القرآن من خلال الاعتماد على المسبوقات الفکریة والرواسب الذهنیة غیر المنطقیة، وبعبارة أخرى أنّ تفسیر القرآن على نحوین:
الأول: أن نجلس أمام القرآن الکریم بکل احترام وخضوع ونعتبر أنفسنا من تلامذة القرآن وأنّ القرآن أستاذنا، وبذلک نتمسک بما نستوحیه من الآیات الکریمة من مفاهیم وتعالیم إلهیّة.
الثانی: أن نعتقد بجملة من القضایا والتصدیقات مسبقاً ومن ثمّة نبحث فی ثنایا القرآن لنجد مؤیدات لأفکارنا من الآیات الکریمة، وهذا هو التفسیر بالرأی المنهی عنه.
إنّ أصحاب العقائد الفاسدة کثیراً ما یفسرون الآیات القرآنیة بما یتفق مع عقائدهم المنحرفة وأفکارهم الفاسدة ویطرحونها فی الصحف والکتب، ومثل هؤلاء الأشخاص ستکون عاقبتهم سیئة ومصیرهم إلى النار، وللأسف فإنّ جهاز الحکم الأموی فی زمن معاویة قد تحرک فی هذا الخط، فکان معاویة یستأجر بعض الأشخاص الانتهازیین لیفسروا القرآن وفقاً لرغبات معاویة، ویذکرون بعض الآیات کشاهد على مدح عبدالرحمن بن ملجم قاتل الإمام علی(علیه السلام)، وآیات أخرى کشاهد على ذم الإمام علی(علیه السلام).
الخلاصة، أنّ التدبر فی الآیات القرآنیة من موقع الخلوص والذهنیة المنفتحة على الحق هو المطلوب، ولکنّ إسقاط الأحکام المسبقة على القرآن وتفسیر الآیات الکریمة بالرأی هو المرفوض.
سؤال آخر: إنّ ظاهر الآیة الشریفة (إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُول کَرِیم) أنّ هذا الکلام هو قول جبرائیل، فی حین أنّ المسلمین بأجمعهم یعتقدون بأنّ القرآن کلام الله تعالى، ولم یتعرض للتحریف لا بزیادة حرف ولا بنقصان حرف، فکیف توفقون بین هذین الأمرین؟
الجواب: یمکن الاجابة عن هذه الشبهة بنحوین:
الأول: أنّ السورة تتضمن فی سیاقها قرینة أنّ هذا الکلام هو کلام الله لا کلام جبرائیل، لأنّ جبرائیل رسول الله، وکلام الرسول فی الحقیقة هو کلام من أرسله، لأنّ الرسول لا یحدّث بشیء من عنده.
وبکلمة أخرى أنّ جبرائیل مجرّد واسطة، ومهمته إبلاغ کلام الله تعالى للنبی، وعلیه فإنّ کلمة «رسول» فی الآیة الشریفة تنطوی على قرینة أنّ القرآن لیس کلام جبرائیل بل کلام الله الذی جاء به جبرائیل وأوحاه إلى النبی الأکرم(صلى الله علیه وآله).
الآخر: على فرض عدم القبول بالجواب الأول والقول إنّ الآیة الشریفة مجملة ومبهمة فی هذا المجال، فبالإمکان إزاحة هذا الإبهام من خلال الاستعانة بآیات أخرى من القرآن الکریم تتحدث عن هذا الموضوع، ومن ذلک الآیات الاُولى من سورة الرحمن:
(الرَّحْمَنُ * عَلَّمَ الْقُرْآنَ * خَلَقَ الاِْنسَانَ * عَلَّمَهُ الْبَیَانَ).
وهذه الآیات الشریفة تصرح بأنّ القرآن کلام الله وتنسب تعلیمه إلى الله تعالى، وعلیه فإذا رأینا وجود إبهام فی الآیة مورد البحث أمکننا رفع هذا الغموض والإبهام بواسطة الآیات الأولى من سورة الرحمن أو آیات مشابهة أخرى.
 

السماء فی القرآن لماذا کل هذه الأقسام؟
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma