السؤال عن أعمال الإنسان

موقع سماحة آية الله العظمى مكارم الشيرازي(دام ظله).

صفحه کاربران ویژه - خروج
الترتيب على أساس
 
الأقسام القرآنیة
السؤال عن النعم 4. قسم سورة الحجر


تقدم الکلام فی القسم بکلمة «ربّ» فی البحوث السابقة ولا حاجة لتکراره، أمّا المقسم له والغرض الذی من أجله أقسم الله تعالى بهذا القسم فهو «السؤال عن أعمال الإنسان» وهو الموضوع المهم الذی یتمتع بانعکاس واسع فی الآیات القرآنیة، وهنا یوجد موضوعان للبحث:
 
أ) ممن یکون السؤال؟
إنّ سیاق الآیة الشریفة وإطلاقها یستدعی أن یکون جمیع البشر مسؤولین یوم القیامة ولم یستثن منه شخص أو أشخاص معینین، فحتى الأنبیاء والأولیاء سیتعرضون للسؤال یوم القیامة ویجب علیهم جمیعاً تقدیم الجواب.
وهذا المعنى، الذی استوحیناه من إطلاق الآیة مورد البحث، ورد بشکل صریح فی الآیة الشریفة 6 من سورة الأعراف حیث تقول:
(فَلَنَسْئَلَنَّ الَّذِینَ أُرْسِلَ إِلَیْهِمْ وَلَنَسْئَلَنَّ الْمُرْسَلِینَ).
وطبقاً لصریح هذه الآیة فإنّ الأنبیاء أیضاً سیسألون یوم القیامة.
سؤال: عن أی شیء یسأل الأنبیاء(علیهم السلام)؟
الجواب: یقول الإمام علی(علیه السلام) طبقاً للروایة الواردة فی تفسیر نورالثقلین:
«فَیُقـامُ الرُّسُلُ فَیُسْئَلُونَ عَنْ تَأْدِیَةِ الرِّسـالاتِ الَّتی حَمَلُوها إِلَى الاُْمَمِ فَاَخْبَرُوا أَنَّهُمْ قَدْ أَدُّوا ذلِکَ إِلى اُمَمِهِمْ».
النتیجة، أنّ الإطلاق فی بعض الآیات القرآنیة وصریح البعض الآخر، فإنّ جمیع أفراد البشر حتى الأنبیاء والمرسلین سیتعرضون للسؤال یوم القیامة، وهذا المعنى بمثابة إنذار عام للجمیع، فعلینا تهیئة الجواب المقبول فی ذلک الیوم، وهذا لا یتحقق إلاّ بأن نسیر فی هذه الحیاة فی مسار الإیمان والعمل الصالح والحرکة فی خط العبودیة والتسلیم.
 
ب) عن أی شیء یسأل الإنسان؟
أمّا مورد السؤال فهو عام وشامل أیضاً ولا یستثنى من ذلک أحد ویتصل متعلق السؤال بالأعمال الصغیرة والکبیرة، وما عمله الإنسان جهراً وخفیةً والأعمال الفردیة والجماعیة، عن نفسه أو عن أهله أو المجتمع، أعمال الأستاذ والطالب، أعمال الرجل والمرأة، والخلاصة أنّ متعلق السؤال جمیع الأعمال حتى بمقدار (مِثْقالَ ذَرَّة)(1).
سؤال: هل یستطیع الإنسان إنکار أعماله وما صدر منه من سلوکیات وذنوب فی ذلک الیوم؟
الجواب: ربّما یستطیع الإنسان إنکار ذلک فی الدنیا مهما کانت هناک قرائن وشواهد وشهود على أنّ المتهم قد ارتکب العمل الفلانی، وربّما یضطرالمتهم مع کل هذه الشواهد والشهود على الإقرار والاعتراف بجرمه وجریرته، مثلاً إذا جیىء بالمتهم إلى المحکمة ووجدوا آثار بصمات أصابعه على محل الجریمة أو ووضعوا کامرات التصویر الخفی فی محل الجریمة وتمّ تصویر فلم وثائقی عن عملیة ارتکاب الجریمة، أو أنّ المتهم کان قد تحدث بعمله وجریمته إلى بعض أصدقائه وقام ذلک الصدیق بتسجیل اعترافاته على شریط الکاسیت، فمثل هذا المتهم ومع وجود کل هذه الأدلة والقرائن لا یجد مفرّاً من الاعتراف بجریمته، وأمّا فی الآخرة فهناک قرائن وشواهد أقوى وأکثر بکثیر ممّا یوجد فی الدنیا، فهناک لا یجد المتهم مفرّاً من الاعتراف ولا طریق له إلى الإنکار، فلو أراد شخص إنکار ما ارتکبه من ذنوب وما اجترحه من سیئات، فإنّ یدیه ورجلیه وسائر أعضائه وجوارحه سیشهدون علیه، فلو أراد إنکار عمله، فسوف یرتفع فجأة صوت من بقعة الأرض التی ارتکب فیها الجریمة، ویقول: إلهی إنّ هذا الإنسان فی الیوم الفلانی وفی الساعة الفلانیة ارتکب هذه المعصیة علیِّ، وإذا أراد الإنکار، فإنّ الملکین اللذین کانا معه طیلة عمره یشهدون علیه ویکشفون عن جمیع تفاصیل أعماله، فهل یبقى مجال لإنکار المجرم لجریمته وذنبه أمام هذه المحکمة، التی تملک مثل هذه الشواهد والقرائن ضد المتهم؟
الواقع أنّ تلک المحکمة الإلهیّة عجیبة، لأن الشواهد والقرائن والشهود إلى درجة من الکثرة بحیث لا یستطیع المتهم نفسه إنکار ما صدر منه، بل إنّ المتهم سیشهد على نفسه ویصدر الحکم بنفسه على نفسه.
النتیجة، إنّ جمیع أعمال الإنسان وحرکاته وأقواله ستتعرض للسؤال یوم القیامة، وظروف المحکمة هناک بشکل لا یتیح للمتهم فرصة للإنکار، فلو اعتقد الإنسان واقعاً بهذه القضیة وأنّه سیتعرض للسؤال عن جمیع أعماله وحرکاته فی ذلک الیوم، وهو الیوم الذی لا تقبل فیه رشوة أو شفاعة ولا یمکن للإنسان أن یحتال ویراوغ فی أجوبته، فإنّه لا یتحرک اطلاقاً فی خط المعصیة وارتکاب الإثم.


(1) . سورة الزلزلة، الآیات 7 و 8 .

 

السؤال عن النعم 4. قسم سورة الحجر
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma