العناد والتعصّب:

موقع سماحة آية الله العظمى مكارم الشيرازي(دام ظله).

صفحه کاربران ویژه - خروج
الترتيب على أساس
 
الأقسام القرآنیة
لماذا القسم بالسماء؟


العناد والتعصّب:
وتستعرض الآیة اللاحقة(یُؤْفَکُ عَنْهُ مَنْ أُفِکَ) ظاهرتین سلبیتین ورذیلتین أخلاقیتین عند البشر فی واقع الحیاة والسلوک العملی، أی صفة العناد والتعصب، فالأشخاص الذین یتحرکون فی سیرتهم العملیة من موقع العناد والتعصب فإنّهم یبتعدون عن طریق الحق وینحرفون عن الصراط المستقیم ولا یجدون فی أنفسهم میلاً لسماع کلمة الحق أو قبول الحق، فلو أنّ 124 ألف نبی بأجمعهم جاءوا إلى قوم مبتلون بالعناد والتعصب وکان مع کل نبی معجزة إلهیّة، لما قَبِل هؤلاء القوم دعوتهم بل اتهموهم بالسحر والجنون، ولکن إذا کانوا من أهل المنطق ولم یکونوا ملوثین بهاتین الرذیلتین، فإنّهم سیذعنون للحق فی أول خطوة ویستسلمون للحقیقة فی أول دعوة.
ویشیر الله تعالى فی الآیات 90 إلى 93 من سورة الاسراء إلى جماعة من المعاندین فی عصر رسول الله(صلى الله علیه وآله) والذین اشترطوا على النبی الأکرم(صلى الله علیه وآله)أن یأتیهم بمعاجز غیر معقولة حتى یؤمنوا به، وطبقاً لهذه الآیات فإنّ هؤلاء طلبوا منه سبعة أنواع من المعجزة وهی:
1. أننا لا نؤمن لک إلاّ أن تفجر لنا فی هذه الصحراء القاحلة عیناً فوارة من الماء الزلال: (وَقَالُوا لَنْ نُّؤْمِنَ لَکَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الاَْرْضِ یَنْبُوعاً).
2. وقال بعضهم: نحن لا نؤمن لک إلاّ بأن یکون لک بستان زاخر بأشجار العنب والنخیل وتجری فیه أنهار الماء: (أَوْ تَکُونَ لَکَ جَنَّةٌ مِنْ نَّخِیل وَعِنَب فَتُفَجِّرَ الاَْنهَارَ خِلاَلَهَا تَفْجِیراً).
3. وقالت طائفة ثالثة: نحن لا نؤمن لک إلاّ بأن تنزل علینا من السماء أحجاراً على رؤوسنا: (أَوْ تُسْقِطَ السَّمَاءَ کَمَا زَعَمْتَ عَلَیْنَا کِسَفاً أَوْ تَأْتِىَ بِاللهِ وَالْمَلاَئِکَةِ قَبِیلا).
الحقیقة أنّ الإنسان قد یصل به الجهل إلى درجة أنّه یطلب مثل هذه المعجزة، لأنّه فی صورة تحقق هذه المعجزة فسوف لا یکونوا أحیاء حتى یؤمنوا بها بعد ذلک، ولکن حجاب العناد وحالة التمرد أسدلت الستار على عقولهم ومنعتهم عن فهم هذه الأمور الساذجة والبسیطة.
4. وقال آخرون: نحن لا نؤمن لک حتى نرى الله والملائکة أمام أعیننا!: (أَوْ تَأْتِىَ بِاللهِ وَالْمَلاَئِکَةِ قَبِیلا).
5. المطلب الخامس لهؤلاء أنّهم قالوا إنّ النبی(صلى الله علیه وآله) یجب أن یملک بیتاً مجللاً ومزخرفاً بالذهب!: (أَوْ یَکُونَ لَکَ بَیْتٌ مِّنْ زُخْرُف).
6. المعجزة الأخرى التی طلبوها من النبی(صلى الله علیه وآله) أنّ النبی یجب أن یرقى فی السماء ویحلق فی آفاقها!: (أَوْ تَرْقَى فِی السَّمَاءِ).
7. وأخیراً وصلوا إلى ذروة العناد واللجاجة وقالوا حتى لو حلقت فی أجواء السماء فنحن لا نؤمن لک إلاّ بأن تأتینا بکتاب من الله: (وَلَنْ نُّؤْمِنَ لِرُقِیِّکَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَیْنَا کِتَاباً نَّقْرَؤُه).
فمثل هؤلاء المعاندین لا یحتمل فی حقّهم الإیمان والاذعان للحق حتى لو تحققت جمیع مطالبهم وجاءهم النبی بالمعجزات التی طلبوها منه، لأنّهم لم یطلبوا الحق ولم ینهجوا فی طلب الحقیقة، ولو أنّهم کانوا واقعاً یریدون معرفة الحقیقة، فإنّ وجود القرآن الذی لم یستطع أی إنسان الإتیان بمثله ولا بسورة من سوره، کاف فی المقام.
نسأل الله تعالى أن یبعد عنّا حالات العناد والتعصّب واللجاجة، ولا یجعل ذرة من التعصّب فی قلوبنا وأذهاننا واعتقاداتنا، وبعد أن یخرج الإنسان من أجواء العناد والتعصب، فإنّه ینفتح على أجواء الحق والرسالة ویجد فی قلبه وروحه میلاً للسیر والحرکة فی خط الفضیلة والإیمان والمسؤولیة.

 

لماذا القسم بالسماء؟
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma