شهادة النساء فی الرضاع

موقع سماحة آية الله العظمى مكارم الشيرازي(دام ظله).

صفحه کاربران ویژه - خروج
الترتيب على أساس
 
انوار الفقاهة - کتاب النکاح-2
الکلام فی العدد لا تقبل الشهادة بالرضاع إلاّ مفصّلة


شهادة النساء فی الرضاع
(مسألة 7) : الأقوى أنّه تُقبل شهادة النساء العادلات فی الرضاع مستقلاّت; بأن تشهد به أربع نسوة، ومنضمّات; بأن تشهد به امرأتان مع رجل واحد.
 
أقول: الأولى أن نتعرّض لأحکام شهادة النساء فی جمیع الأبواب، فنتکلّم أوّلا فی حکم شهادتهنّ فی أبواب الرضاع، ثمّ نعقّبه بشهادتهنّ فی الموارد التالیة:
الأوّل: قبول شهادتهنّ فی مختصّات النساء; وما لا یطّلع علیه غیرهنّ عادة، کالولادة، والاستهلال، والعیوب الباطنة، وشبهها.
الثانی: شهادتهنّ فی أبواب الحدود.
الثالث: شهادتهنّ فی القصاص والدیات.
الرابع: شهادتهنّ فی الحقوق والأموال.
الخامس: شهادتهنّ فی النکاح.
السادس: شهادتهنّ فی الطلاق.
والواجب أخیراً بیان فلسفة الفرق بینهنّ وبین الرجال; فی قبول شهادتهنّ فی بعض الاُمور دون بعض، وکذا الفرق فی العدد بینهما.
 
 


 
 
 
 
حکم شهادة النساء فی أبواب الرضاع
المشهور والمعروف بین الأصحاب، قبول قولهنّ فی الرضاع، وقد حکی هذا القول عن جماعة کثیرة من الأصحاب; حتّى أنّ صاحب «الجواهر» حکاه عمّا یقرب من عشرین کتاباً بالمباشرة، وعن عدّة کتب بالواسطة، بل ادّعی الإجماع علیه.
ولکن مع ذلک فقد ادّعى شیخ الطائفة(قدس سره) الإجماع على عدم القبول; قال فی «الخلاف»: «لا تقبل شهادة النساء عندنا فی الرضاع بحال. وقال أبو حنیفة وابن أبی لیلى: لا تقبل شهادتهنّ منفردات إلاّ فی الولادة... وقال الشافعی: شهادتهنّ على الانفراد تقبل فی أربعة مواضع: الولادة، والاستهلال، والرضاع، والعیوب تحت الثیاب، وبه قال ابن عبّاس والزهری، ومالک، والأوزاعی» ثمّ قال: «دلیلنا: إجماع الفرقة، وأخبارهم...»(1).
والإنصاف: أنّ دعواه الإجماع هنا، من قبیل الإجماع على القاعدة وشبهها، وإلاّ فالمخالفون فی المسألة کثیرون.
وقال المحقّق الثانی فی «جامع المقاصد»: «اختلف الأصحاب فی أنّه هل تقبل شهادة النساء فی الرضاع منفردات؟ على قولین: فذهب الشیخ فی «الخلاف» وابن إدریس إلى عدم قبولهنّ، وذهب المفید والسیّد وسلاّر وابن حمزة وجمع من الأصحاب، إلى القبول»(2).
وعلى کلّ حال: لا ینبغی الشکّ فی شهرة هذا القول بین الأصحاب.
واستدلّ له باُمور:
الأمر الأوّل: وهو العمدة ـ دخول الرضاع فی الاُمور الخفیّة التی تعمّ بها البلوى، ولا یطّلع علیها غالباً إلاّ النساء، فقد وردت أحادیث کثیرة فی قبول قولهنّ فی هذه الاُمور، وهی من قبیل القواعد الکلّیة، وحاصلها: أنّه تقبل شهادة النساء فیما لایطّلع علیه الرجال، أو لا یستطیع الرجال النظر إلیه:
منها: ما عن أبی بصیر، قال: سألته عن شهادة النساء، فقال: «تجوز شهادة النساء وحدهنّ على ما لا یستطیع الرجال النظر إلیه...»(3).
ومنها: ما عن إبراهیم الحارقی، قال: سمعت أبا عبدالله(علیه السلام) یقول: «تجوز شهادة النساء فیما لا یستطیع الرجال أن ینظروا إلیه، ویشهدوا علیه...»(4).
ومنها: ما عن محمّد بن الفضیل، قال: سألت أبا الحسن الرضا(علیه السلام) قلت له: تجوز شهادة النساء فی نکاح، أو طلاق، أو رجم؟ قال: «تجوز شهادة النساء فیما لا تستطیع الرجال أن ینظروا إلیه، ولیس معهنّ رجل...»(5).
ومنها: ما عن عبدالله بن سنان، قال: سمعت أبا عبدالله(علیه السلام) یقول: «لا تجوز شهادة النساء فی رؤیة الهلال...» وقال: «تجوز شهادة النساء وحدهنّ بلا رجال فی کلّ ما لا یجوز للرجال النظر إلیه»(6).
ومنها: ما عن داود بن سرحان، عن أبی عبدالله(علیه السلام) قال: «اُجیز شهادة النساء
فی الغلام; صاح، أم لم یصح، وفی کلّ شیء لاینظر إلیه الرجال، تجوز شهادة النساء فیه»(7).
ومنها: ما عن السکونی، عن جعفر، عن أبیه، عن علی(علیهم السلام) أنّه کان یقول: «شهادة النساء لا تجوز فی طلاق، ولا نکاح، ولا فی حدود; إلاّ فی الدیون، وما لا یستطیع الرجال النظر إلیه»(8).
ومنها: ما عن محمّد بن سنان، عن الرضا(علیه السلام) وفیه قال: «لا تجوز شهادتهنّ إلاّ فی موضع ضرورة، مثل شهادة القابلة، وما لا یجوز للرجال أن ینظروا إلیه...»(9). هذا.
ولکنّ الکلام فی صغرى هذه القاعدة الکلّیة فی المقام; وأنّه هل تشمل مسألة الرضاع، أم لا؟ فقد صرّح غیر واحد من أکابر فقهاء الأصحاب ـ مثل الشهید الثانی فی «المسالک»(10)، والمحقّق الثانی فی «جامع المقاصد»(11)، وصاحب «الجواهر»(12) ـ : «بأنّ هذا داخل تحت عنوان القاعدة».
وهو الأقوى; والوجه فیه أنّه وإن أمکن اطّلاع الرجال المحارم على أمر الرضاع ـ لو قلنا بجواز نظرهم إلى مثل الثدی، وهو قابل للمناقشة ـ وکذا الزوج، بل وغیر المحارم إذا اتّفق نظرهم إلیه بدون قصد، أو إذا لم یکن فیه إثم حال التحمّل، مثل ما إذا کان صبیاً مراهقاً، ثمّ صار عند الشهادة بالغاً; بناءًعلى کفایة مثل ذلک، ولکنّ الغالب کونه ممّا یطّلع علیه خصوص النساء.
والمراد بالقاعدة هو الغلبة ـ لا کونه دائمیاً ـ لانصرافها إلیها، وإلاّ أمکن المناقشة فی الاستهلال، بل الولادة، بل وغیرها; لأنّه کثیراً ما تدعو الضرورة لنظر الأطبّاء إلیهنّ، ولا سیّما فی أعصارنا، أو یکون فی السفر، ولیس معها امرأة فی مثل الولادة وشبهها.
الأمر الثانی: طائفة ثانیة من الروایات التی استدلّ بها للمطلوب; وهی ما دلّت على جواز شهادة النساء فی خصوص بعض مصادیق ما لا یحلّ للرجال النظر إلیه; بدعوى إمکان إلغاء الخصوصیة منها، أو دعوى الأولویة بالنسبة إلى الرضاع، وهی أیضاً کثیرة:
منها: ما عن الحلبی، عن أبی عبدالله(علیه السلام) ـ فی حدیث ـ قال: وسألته عن شهادة القابلة فی الولادة، قال: «تجوز شهادة الواحدة» وقال: «تجوز شهادة النساء فی المنفوس، والعُذْرة»(13).
ومنها: ما عن محمّد بن مسلم ـ فی حدیث ـ قال: سألته عن النساء، تجوز شهادتهنّ؟ قال: «نعم; فی العُذْرة، والنفساء»(14).
ومنها: ما عن عبدالله بن بکیر، عن أبی عبدالله(علیه السلام) قال: «تجوز شهادة النساء فی العُذْرة، وکلّ عیب لا یراه الرجل»(15).
ومنها: ما عن السکونی، عن أبی عبدالله(علیه السلام) قال: «اُتی أمیرالمؤمنین(علیه السلام) بامرأة بکر زعموا أنّها زنت، فأمر النساء فنظرن إلیها، فقلن: هی عذراء، فقال:ما کنت لأضرب من علیها خاتم من الله، وکان یجیز شهادة النساء فی مثل هذا»(16).
ومنها: ما عن عبدالرحمان بن أبی عبدالله وفیه قال(علیه السلام): «تجوز شهادة النساء فی المنفوس، والعُذْرة»(17).
ومنها: ما عن العلاء، عن أحدهما(علیهما السلام) وفیه قال: وسألته: هل تجوز شهادتهنّ وحدهنّ؟ قال: «نعم; فی العُذْرة، والنفساء»(18).
ومنها: ما عن محمّد بن مسلم، قال: سألته: تجوز شهادة النساء وحدهنّ؟ قال: «نعم; فی العُذْرة، والنفساء»(19).
و منها: ما عن أبی بصیر، عن أبی جعفر(علیه السلام) قال: قال: «تجوز شهادة امرأتین فی استهلال»(20).
ومنها: ما عن «دعائم الإسلام» عن أمیرالمؤمنین وأبی جعفر وأبی عبدالله(علیهم السلام)أنّهم قالوا: «یجوز فی الأموال، وفیما لا یطّلع علیه إلاّ النساء من النظر إلى النساء، والاستهلال، والنفاس، والولادة»(21)... إلى غیر ذلک ممّا ورد فی هذا المعنى.
وهناک روایات اُخرى تدلّ على قبول شهادتهنّ فی الاستهلال(22).
وهذه الروایات وإن کان جلّها أو کلّها ضعیفة الإسناد، ولکنّها مجبورة بالعمل، فتأمّل.
إنّما الکلام فی إمکان إلغاء الخصوصیة منها، أو دعوى الأولویة; فقد قال صاحب «الجواهر»(قدس سره): «والرضاع إن لم یکن أولى من بعضها، فهو مثله»(23).
أقول: لا شکّ فی أنّ الرضاع لیس أولى من النفاس، والولادة، والعُذْرة، والعیوب الموجودة فی الفرج، بل لیس مثلها، ولکنّه أولى من الاستهلال، أو مثله; فإنّ سماع صیحة الولد عند الولادة، أهون من مشاهدة الرضاع لأنّ ذاک بالسمع، وهذا بالمشاهدة. والظاهر أنّ مراده هذا أیضاً.
الأمر الثالث: قسم ثالث من الأخبار تدلّ على قیام امرأتین مقام رجل واحد على الإطلاق، ومقتضى إطلاقها قبول شهادتهنّ مطلقاً إلاّ ما خرج بالدلیل:
منها: ما فی «تفسیر العسکری(علیه السلام)»: «عدلت امرأتان فی الشهادة برجل واحد، فإذا کان رجلان أو رجل وامرأتان أقاموا الشهادة، قضی بشهادتهم»(24).
ولکن ـ مع الغضّ عن السند ـ یرد علیه أوّلا: أنّه یمکن أن یقال: إنّه لیس فی مقام البیان من ناحیة موارد الشهادة.
وثانیاً: أنّه لو کان مطلقاً لزم تخصیص الأکثر; لما یأتی إن شاء الله، أو التخصیص الکثیر المستهجن.
ومنها: ما عن عبدالکریم بن أبی یعفور، عن أبی جعفر(علیه السلام) قال: «تقبل شهادة المرأة والنسوة إذا کنّ مستورات، من أهل البیوتات، معروفات بالستر والعفاف، مطیعات للأزواج، تارکات للبذاء والتبرّج إلى الرجال فی أندیتهم»(25).
وفیها: ـ مضافاً إلى ضعف سندها; لجهالة عبدالکریم بن أبی یعفور ـ أنّها على الظاهر، لیست فی مقام البیان من ناحیة موارد قبول شهادتهنّ.
الأمر الرابع: ما عن عبدالله بن بکیر، عن بعض أصحابنا، عن أبی عبدالله(علیه السلام): فی امرأة أرضعت غلاماً وجاریة، قال: «یعلم ذلک غیرها؟» قال: لا، قال: فقال: «لا تصدّق إن لم یکن غیرها»(26).
ومفهومها قبول شهادتها إذا شهد معها غیرها; رجلا کان، أو امرأة، ومفهوم الشرط حجّة. ولکن ضعف السند یمنع عن الأخذ بها، إلاّ أن ینجبر بعمل المشهور، فتأمّل.
هذا کلّه فی أدلّة المشهور، وهی کافیة فی إثبات حجّیة شهادتهنّ فی الجملة فی الرضاع.
أمّا أدلّة المخالفین، فقد استدلّ لهم فی إثبات عدم القبول باُمور:
الأوّل: الأصل; فإنّ مقتضى أصالة عدم الحجّیة فی الأمارات، هوعدم القبول.
وجوابه ظاهر; فإنّ التمسّک بالأصل ـ بعد وجود الدلیل على الحجّیة ـ لامعنى له.
الثانی: المرسلة التی ذکرها فی «المبسوط» قال: «أصحابنا رووا: أنّه لا یقبل شهادة النساء فی الرضاع أصلا»(27).
وهو ضعیف السند، ولا سیّما مع عدم ذکره فی کتابیه اللذین جعلهما لجمع الأخبار.
الثالث: إجماع الشیخ الذی نقله فی «الخلاف».
وجوابه ظاهر مع ذهاب المشهور إلى خلافه، فکأنّه إجماع على القاعدة والأصل، فالأقوى قبول شهادة النساء فی الرضاع فی الجملة.
وهناک قولان شاذّان یکون کلاهما على طرف الخلاف لقول النافین:
أوّلهما: ما حکی عن القاضی: «من أنّه لا یقبل دعوى الرضاع إلاّ بشهادتهنّ».
ثانیهما: ما حکی عن «التحریر»: «من عدم قبول المنضمّات هنا».
واللازم غضّ النظر عنهما أیضاً بعد عدم وجود دلیل علیهما.


(1). الخلاف 5 : 106.
(2). جامع المقاصد 12 : 265.
(3). وسائل الشیعة 27 : 351، کتاب الشهادات، الباب 24، الحدیث 4.
(4). وسائل الشیعة 27 : 352، کتاب الشهادات، الباب 24، الحدیث 5.
(5). وسائل الشیعة 27 : 352، کتاب الشهادات، الباب 24، الحدیث 7.
(6). وسائل الشیعة 27 : 353، کتاب الشهادات، الباب 24، الحدیث 10.
(7). وسائل الشیعة 27 : 354، کتاب الشهادات، الباب 24، الحدیث 12.
(8). وسائل الشیعة 27 : 362، کتاب الشهادات، الباب 24، الحدیث 42.
(9). وسائل الشیعة 27 : 365، کتاب الشهادات، الباب 24، الحدیث 50.
(10). مسالک الأفهام 14 : 258.
(11). جامع المقاصد 12 : 265.
(12). جواهر الکلام 29 : 345.
(13). وسائل الشیعة 27 : 351، کتاب الشهادات، الباب 24، الحدیث 2.
(14). وسائل الشیعة 27 : 353، کتاب الشهادات، الباب 24، الحدیث 8.
(15). وسائل الشیعة 27 : 353، کتاب الشهادات، الباب 24، الحدیث 9.
(16). وسائل الشیعة 27 : 354، کتاب الشهادات، الباب 24، الحدیث 13.
(17). وسائل الشیعة 27 : 355، کتاب الشهادات، الباب 24، الحدیث 14.
(18). وسائل الشیعة 27 : 356، کتاب الشهادات، الباب 24، الحدیث 18.
(19). وسائل الشیعة 27 : 356، کتاب الشهادات، الباب 24، الحدیث 19.
(20). وسائل الشیعة 27 : 362، کتاب الشهادات، الباب 24، الحدیث 41.
(21). دعائم الإسلام 2:514/1843; مستدرک الوسائل 17 : 425، کتاب الشهادات، الباب 19، الحدیث 5.
(22). راجع: مستدرک الوسائل 17 : 424، کتاب الشهادات، الباب 19.
(23). جواهر الکلام 29 : 345.
(24). وسائل الشیعة 27 : 272، کتاب القضاء، أبواب کیفیة الحکم، الباب 15، الحدیث 5.
(25). وسائل الشیعة 27 : 398، کتاب الشهادات، الباب 41، الحدیث 20.
(26). وسائل الشیعة 20 : 401، کتاب النکاح، أبواب ما یحرم بالرضاع، الباب 12، الحدیث3.
(27). المبسوط 8 : 172.


 
 

الکلام فی العدد لا تقبل الشهادة بالرضاع إلاّ مفصّلة
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma