الاعتراض على قتل المرتدّ فی زماننا وجوابه

موقع سماحة آية الله العظمى مكارم الشيرازي(دام ظله).

صفحه کاربران ویژه - خروج
الترتيب على أساس
 
انوار الفقاهة - کتاب النکاح-2
حکم العدّة فی ارتداد الزوج أحکام ارتداد الزوجین

الاعتراض على قتل المرتدّ فی زماننا وجوابه
قبل الغور فی حکم نکاحه لابدّ من بیان نکتة; وهی أنّه قد کثر الارتداد فی زماننا من جانب، وکثر السؤال عن تشدید الأمر فی حقّ المرتدّین من جانب آخر:
أمّا الأوّل; فلکثرة الشبهات أوّلاً، وسهولة تناقل الأفکار ثانیاً، وخلط الدیانات بالسیاسات ثالثاً; حتّى جعل أرباب السیاسات المخرّبة المهلکة هدمَ أرکان الدین، من أوجب ما جعلوه على عاتقهم، فلذلک کلّه کثر المرتدّون.
وأمّا الثانی; فلإصرار البرامج الموسومة بـ «حفظ حقوق الإنسان» ـ التی نشأت من الثقافات الغربیة الداعیة إلى رفض الأدیان، أو حصرها فی مسائل ترتبط بالحیاة الفردیة فقط، دون الاجتماعیة والسیاسیة ـ على حرّیة المذهب والأخلاق وغیرها.
فلذلک کلّه ینکرون تشدید أمر المرتدّ فی الإسلام; حتّى أنّهم قد یقولون: صرّح الإسلام بأنّه: (لاَ إِکْرَاهَ فِى الدِّینِ)(1)، فلماذا یحکم بقتل المرتدّ الفطری أو الملّی بعد الاستتابة وعدم الرجوع إلى الإسلام؟!
وهذا مضافاً إلى أنّ الإسلام دین التسامح والتساهل; حتّى یقول لنبی الإسلام: (وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِکِینَ اسْتَجَارَکَ فَأَجِرْهُ حَتّى یَسْمَعَ کَلاَمَ اللهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذلِکَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَ یَعْلَمُونَ)(2).
ومثل هذا الدین کیف یرخّص فی قتل المرتدّ، ولا سیّما إذا لم یکن عن تقصیر، بل حصل له شکّ بعد التحقیق والمطالعة؟!
ولکنّ الجواب عنه یظهر بذکر مقدّمتین:
الاُولى: أنّ المرتدّ على أقسام:
فتارةً: یکون شاکّاً فی الإسلام بعد ما آمن به; لشبهة حصلت له.
واُخرى: لا یبقى فی الشکّ، بل یختار دیناً آخر; من دون عناد للإسلام والمسلمین، ومن دون دعایة مضادّة ومعارضة لهم.
وثالثة: یعاند الإسلام ویدعو الناس أو بعضهم إلى ما هو علیه، ویطرح الشبهات هنا وهناک، ویعارض الإسلام ویعانده.
ولا شکّ فی أنّ جمیع هؤلاء لیسوا سواءً.
الثانیة: أنّ هناک قضیّة تأریخیة نزلت فیها آیة من کتاب الله; وهی أنّه تواطأ اثنا عشر حبراً من أحبار یهود خیبر وغیرهم، فقال بعضهم لبعض: ادخلوا دین محمّد أوّل النهار باللسان دون العقیدة، واکفروا به آخر النهار وقولوا: إنّا نظرنا فی کتبنا، وشاورنا علماءنا، فوجدنا محمّداً لیس بذلک، وظهر لنا کذبه وبطلان دینه، فإذا فعلتم ذلک شکّ أصحابه فی دینه وقالوا: إنّهم أهل الکتاب، وهم أعلم به منّا، فیرجعون عن دینهم إلى دینکم، فنزلت الآیة: (وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْکِتَابِ آمِنُوا بِالَّذِى أُنْزِلَ عَلَى الَّذِینَ آمَنُوا وَجْهَ النَّهَارِ وَاکْفُرُوا آخِرَهُ لَعَلَّهُمْ یَرْجِعُونَ)(3).
فکشف الله هذه المکیدة، وأخبر نبیّه بذلک، وکان عاقبة مکرهم خسراً.
وهذا لا یختصّ بذلک الزمان; أی عصر النبی(صلى الله علیه وآله وسلم) بل یجری فی جمیع الأزمنة، وفی أعصارنا یکون أقوى وأشمل، والیوم ترى له مصادیق کثیرة فی داخل البلاد الإسلامیة وخارجها، ولذا سدّ شارع الإسلام هذا الباب بتشدید الأمر فی المرتدّ.
ومن مصادیقه البارزة نشر کتاب «الآیات الشیطانیة» فلو لم یردع عنه الإمام الراحل(قدس سره) بفتواه، لأصبحنا نرى فی کلّ یوم عدداً کبیراً یهاجمون الإسلام ومعارفه الکریمة وأحکامه الشریفة بأنواع الهجمات، ولکن هذه الفتوى أثّرت أثرها; فاختفى کاتب الکتاب وناشره، وضاقت علیهم الأرض بما رحبت.
وکذا فإنّ هناک بعض من یحذو حذو الأعداء، أو یکون من عملائهم ومرتزقتهم فی داخل البلاد الإسلامیة، إلاّ أنّه لمّا شدّد علیهم علماء الدین، دخلوا مساکنهم حتّى لا یحطمنّهم سلیمان وجنوده، ولو لا ذلک لرأینا کلّ یوم من ینکر بعض أحکام الإسلام، أو معارفه القطعیة، بل یستهزئ بها، فلا یبقى لها دعامة.
والحاصل: أنّ تشدید الأمر فی حقّ المرتدّین أصبح حافظاً للدین.
إن قلت: للإسلام منطق قویّ لا یخاف علیه من هجوم الأعداء.
قلت: نعم، الأمر کذلک، ولکنّ العدوّ اللجوج لیس بصدد إقامة الدلیل والبرهان والمنطق، بل یهاجم بعنف بالسبّ، والشتم، والسخریة، والاستهزاء، کما فی کتاب «الآیات الشیطانیة» فنفس اسم الکتاب وما فیه من مسّ کرامة أزواج النبی(صلى الله علیه وآله وسلم)ونسبتهم إلى الفساد والفحشاء ـ والعیاذ بالله ـ کاف لمعرفة نوایاهم. وکذلک الحال فی بعض الکتب والمقالات المنشورة فی الداخل.
والحاصل: أنّ هذا حکم سیاسی للحفاظ على کرامة الدین ومکانته، ولولاه لم یستقرّ حجر على حجر، فخوفهم من هذا الحکم سدّ أفواههم بعون الله.
نعم، إذا شکّ أحد المسلمین فی الإسلام، أواعتقد بخلافه ولم یظهر ما یخالفه، لایستحقّ هذا الحکم وإن علمنا باعتقاده الباطنی من بعض القرائن الخفیّة.
وهاهنا روایة واضحة الدلالة على ما ذکر وإن کانت غیر نقیّة السند، ولکن تصلح لتأیید المقصود، وهی ما رواه فی «دعائم الإسلام» عن أمیرالمؤمنین(علیه السلام): أنّه اُتی بمستورد العجلی وقد قیل: إنّه تنصّر وعلّق صلیباً فی عنقه(4)، فقال له ـ قبل أن یسأله، وقبل أن یُشْهِد علیه ـ : «ویحک یا مستورد، إنّه رُفع إلیّ أنّک قد تنصّرت، ولعلّک أردت أن تزوّج نصرانیة، فنحن نزوّجک إیّاها» قال: قدّوس، قدّوس(5).
قال: «فلعلّک ورثت میراثاً من نصرانی، فظننت أنّا لا نورّثک، فنحن نورّثک; لأنّا نرثهم ولا یرثوننا» قال: قدّوس، قدّوس.
قال: «وهل تنصّرت کما قیل؟» قال: نعم، تنصّرت.
فقال أمیرالمؤمنین(علیه السلام) تعجّباً: «الله أکبر» فقال المستورد: المسیح أکبر، فأخذ أمیرالمؤمنین(علیه السلام) بمجامع ثیابه فأکبّه لوجهه، فقال: «طئوه، عباد الله» فوطأوه بأقدامهم حتّى مات(6).
وهذا من أظهر مصادیق الارتداد المقرون بالتبلیغ المخالف للإسلام.
کما أنّه جاء فی حدیث: أنّ بنی ناجیة ارتدّوا بعد إسلامهم، فبعث إلیهم أمیرالمؤمنین(علیه السلام) معقل بن قیس التمیمی مع جماعة، فقالوا: نحن کنّا نصارى فأسلمنا، ثمّ عرفنا أنّه لا خیر من الدِّین الذی کنّا علیه، فدعاهم إلى الإسلام مرّة بعد مرّة ـ حتّى تمّت ثلاث مرّات ـ فأبوا، فحکم بقتلهم(7).
وهذا کلّه یدلّ على أنّه لو لم یظهروا المخالفة والمعاندة للإسلام، لما شدّد الأمر علیهم. هذا کلّه من جانب.
ومن جانب آخر، فإنّ الحکّام ـ فی أیّ موضع من البلدان کانوا ـ لایتسامحون تجاه مخالفی حکوماتهم، بل یشدّدون علیهم بکلّ شدّة، وهذا نوع من الارتداد، والرجوع عن الإسلام والتظاهر به فی البلاد الإسلامیة، نوع من القیام ضدّ الإسلام، والإسلام لا یقرّه، وإلاّ لم یستقرّ حجر على حجر، ولم یبق للدین دعامة.
رجوع إلى أصل المسألة
إذا عرفت هذا فلنرجع إلى أصل الکلام فی المسألة، فاعلم: أنّ للمسألة ثلاث صور:
الاُولى: إذا ارتدّ أحد الزوجین قبل الدخول، فسد النکاح فی الحال مطلقاً.
الثانیة: إذا کان الارتداد بعد الدخول، وکان المرتدّ هو الزوج، وکان ارتداده عن فطرة، فالحکم کما سبق.
الثالثة: إذا ارتدّ الزوج وکان عن ملّة، أو ارتدّت الزوجة ـ سواء کان ارتدادها عن ملّة، أو عن فطرة ـ وقف الحکم بالانفساخ على عدم الرجوع إلى الإسلام فی زمن العدّة.
والظاهر أنّ هذه الأحکام مجمع علیها بین الأصحاب(8).
واُحبّذ هنا أن أنقل کلام المحقّق الثانی فی المقام; فإنّه من أحسن الکلام فی مقام نقل صور المسألة وأقوالها، قال(قدس سره):
«اعلم: أنّه متى ارتدّ أحد الزوجین قبل الدخول، فسد النکاح فی الحال عند عامّة أهل العلم، إلاّ داود الظاهری.
ثمّ إن کان المرتدّ الزوجة، فلاشیء لها; لأنّه فسخ جاء من قبلها قبل الدخول.
وإن کان هو الرجل، فعلیه نصف المسمّى إن کان صحیحاً; لأنّ الفسخ من جهته، فأشبه الطلاق. وإن کانت التسمیة فاسدة فنصف مهر المثل. وإن لم یکن سمّى شیئاً فالمتعة، ویحتمل وجوب جمیع المهر.
وإن کان الارتداد بعد الدخول، وقف أمر النکاح على انقضاء العدّة إن کان الارتداد من الزوجة مطلقاً، أو من الزوج عن غیر فطرة، فإن اجتمعا على الإسلام قبل انقضائها، کانا على النکاح، وإن لم یجتمعا حتّى انقضت، تبیّن أنّ العقد انفسخ من حین الارتداد; بغیر خلاف فی ذلک عندنا وعند أکثر العامّة. وجمع منهم حکموا بالفسخ فی الحال قبل الدخول وبعده.
ولو کان الارتداد من الزوج عن فطرة بعد الدخول، بطل النکاح فی الحال، واعتدّت عدّة الوفاة، کما فی الارتداد عن فطرة قبل الدخول»(9)، انتهى محلّ الحاجة.
وصرّح ابن قدامة فی «المغنی» أیضاً بمثل هذا، حیث قال: «إذا ارتدّ أحد الزوجین قبل الدخول، انفسخ النکاح فی قول عامّة أهل العلم، إلاّ أنّه حُکی عن داود أنّه لا ینفسخ بالردّة»(10).
إذا عرفت هذا فاعلم: أنّه تنطبق غالب هذه الأحکام على القاعدة:
أمّا انفساخ عقدهما إذا کان الارتداد قبل الدخول; فلعدم جواز نکاح الکافر أو الکافرة، ولیس هناک عدّة تنتظر التوبة قبل مضیّها.
نعم، یمکن أن یستثنى منه ما إذا ارتدّت الزوجة عن الإسلام إلى بعض أدیان أهل الکتاب; لما عرفت من القول بجواز نکاح الکتابیة مطلقاً، أو متعةً.
وأمّا انفساخ العقد عند ارتداد الزوج عن فطرة بعد الدخول، فلأنّه محکوم بالقتل، وزوجته تعتدّ عدّة الوفاة، ولا تقبل توبته ولو ظاهراً على الأقوى، فلامعنى لرجوعه إلى الإسلام.
وأمّا إذا کان ارتداده عن ملّة، أو ارتدّت الزوجة مطلقاً بعد الدخول; فلأنّه تقبل توبتهما، فیؤخّر الانفساخ إلى مضیّ العدّة، کما سبق مثله فی إسلام أحد الزوجین الکافرین. إلاّ أن یقال: إنّ هذا قیاس مع الفارق. هذا.
والعمدة فی المقام ـ بعد الإجماع، وما عرفت من القاعدة ـ الأخبار الواردة فی المسألة:
منها: ما رواه عمّار الساباطی قال: سمعت أبا عبدالله(علیه السلام) یقول: «کلّ مسلم بین مسلمین ارتدّ عن الإسلام وجحد رسول الله(صلى الله علیه وآله وسلم) نبوّته وکذّبه، فإنّ دمه مباح لمن سمع ذلک منه، وامرأته بائنة منه یوم ارتدّ، ویقسّم ماله على ورثته، وتعتدّ امرأته عدّة المتوفّى عنها زوجها، وعلى الإمام أن یقتله، ولایستتیبه»(11).
ومنها: ما رواه محمّد بن مسلم قال: سألت أبا جعفر(علیه السلام) عن المرتدّ فقال: «من رغب عن الإسلام وکفر بما اُنزل على محمّد(صلى الله علیه وآله وسلم) بعد إسلامه، فلا توبة له، وقد وجب قتله، وبانت منه امرأته، ویقسّم ما ترک على ولده»(12).
وللحدیث طریقان: أحدهما صحیح، والآخر ضعیف بسهل بن زیاد.
وفیه الأحکام الأربعة المعروفة للمرتدّ، ولکن لیس فیه تصریح بالدخول، أو کونه مرتدّاً فطریّاً، إلاّ أنّه بقرینة عدم قبول توبته، یعلم أنّه فطری(13)، وبقرینة تقسیم أمواله على أولاده یعلم منه الدخول.
اللهمَّ إلاّ أن یقال: یمکن أن یکون الأولاد من امرأة طلّقها من قبل. وهو بعید عن منصرف الروایة.
ومنها: ما عن مِسْمَع بن عبدالملک، عن أبی عبدالله(علیه السلام) قال: «قال أمیرالمؤمنین(علیه السلام): المرتدّ عن الإسلام تعزل عنه امرأته، ولا تؤکل ذبیحته، ویستتاب ثلاثة أیّام، فإن تاب، وإلاّ قتل یوم الرابع»(14).
وفی سنده غیر واحد من المجاهیل، أو الضعاف; کسهل بن زیاد، ومحمّد بن الحسن بن شمّون، وقد نسب إلى الأخیر الغلوّ، وفساد المذهب، والضعف، إلاّ أنّ عمل الأصحاب به وبأمثاله کاف فی رفع الضعف.
ولکنّه من حیث الدلالة مطلق من جهات; الدخول وعدمه، وکونه عن فطرة أو ملّة.
اللهمَّ إلاّ أن یدّعى غلبة الدخول، وکونه عن فطرة. وعلى الأقلّ یقیّد إطلاقه بما دلّ على التقیید من سائر الروایات.
ومنها: ما عن أبی بکر الحضرمی، عن أبی عبدالله(علیه السلام) قال: «إذا ارتدّ الرجل المسلم عن الإسلام، بانت منه امرأته کما تبین المطلّقة، فإن قُتل أو مات قبل انقضاء العدّة فهی ترثه فی العدّة، ولایرثها إن ماتت وهو مرتدّ عن الإسلام»(15).
وفی سند الحدیث ضعف بأبی بکر الحضرمی; وهو عبدالله بن محمّد، فإنّه مجهول. ولکن عمل الأصحاب بمجموع هذه الأحادیث وصحّة إسناد بعضها، کاف فی إثبات المطلوب.
فتحصّل: أنّه یدلّ على حکم الصور الثلاث فی المسألة اُمور: الإجماع، والقواعد، والروایات المختلفة.
ولکنّ الروایات لا تدلّ إلاّ على بعض أحکام المسألة، کما عرفت، فاللازم إثبات غیرها إمّا بالقواعد التی أشرنا إلیها، وإمّا بالإجماع; لعدم کون الإجماع هنا مدرکیاً، على فرض عدم قبول القواعد، وعدم دلالة روایات الباب إلاّ على حکم بعض الصور.
وعلى کلّ حال: فالحقّ ما أفاده الأصحاب، والله العالم.
بقیت هنا اُمور:
الأوّل: أنّه قد یبدو الإشکال فی صورة ارتداد کلیهما معاً وانتحالهما دیناً آخر، کالنصرانیة، والیهودیة، أو الإلحاد واللادین، فلماذا یبطل نکاحهما مع صحّة هذا النکاح على الدین الجدید، وقد عرفت «أنّ لکلّ قوم نکاحاً»؟!
وقد یقال: إنّ البطلان هو مقتضى إطلاقات معاقد الإجماعات وبعض الأخبار، وهو غیر بعید. إلاّ أن یدّعى انصرافها عن مثل هذا الفرض الذی لیس نادراً.
وقد یستدلّ بدلیل آخر; وهو أنّه لو کان ارتداد الرجل فطریّاً، فهو محکوم بالقتل، فکیف یمکن الحکم ببقاء النکاح فی هذه الصورة؟! وکأنّه بحکم المعدوم وإن فرض بقاؤه حیّاً لفراره، أو لمانع عن إجراء حکمه.
وکذلک إذا کان مرتدّاً ملّیاً، وفی جانب الزوجة مطلقاً; لأنّهما لو لم یرجعا إلى الإسلام فی زمن العدّة، یحکم على الرجل بالقتل، والمرأة بالحبس، فکیف یجتمع هذا مع صحّة النکاح؟!
والإنصاف: أنّ هذا کلّه تکلّف ظاهر، فلو لم یکن هنا إجماع لأمکن الحکم ببقاء الزوجیة، ولاسیّما إذا قلنا بجواز الاستصحاب فی الشبهات الحکمیة، ومنها ما نحن فیه.
الثانی: قد صرّح الماتن(قدس سره) هنا أیضاً: بأنّه على فرض عدم التوبة، یظهر فساد النکاح من الأوّل، کما سبق مثله فی المسائل السابقة، والوجه فیه ما عرفت من أنّ نکاح المسلم لغیر المسلمة وبالعکس، باطل على الاُصول، غایة الأمر أنّه لو تاب أو تابت فی العدّة، حکم الشارع ببقائه، وفی غیره یحکم بالفساد من أوّل الأمر.
الثالث: أنّ المستفاد من کلمات الأصحاب، أنّه على فرض ارتداد الزوجة قبل الدخول لا مهر لها; لأنّها السبب فی فساد النکاح، ولا معنى لإلزام الزوج بالمهر. بل هو ضرر عظیم علیه، والإقدام على هذا الضرر إنّما حصل من ناحیة الزوجة.
وأمّا إذا کان الارتداد من ناحیة الزوج فقد یقال بتنصیف المهر; تشبیهاً له بالطلاق.
والإنصاف: أنّه قیاس ظنّی، ولاسیّما مع کون العدّة فی بعض الصور عدّة الوفاة، ومقتضى القاعدة عدم تنصیف المهر; لاستحقاقها إیّاه بمجرّد النکاح، وقد ثبت التنصیف فی الطلاق، إلاّ أنّه تعبّد خاصّ بمورده، ولذا قال فی «الریاض»: «ولا یسقط من المهر هنا وفی السابق شیء; لاستقراره بالدخول المستمرّ بالأصل السالم عن المعارض»(16) انتهى، والله العالم.


(1). البقرة (2): 256.
(2). التوبة (9): 6.
(3). آل عمران (3): 72.
(4). أی ارتدّ وأظهر ارتداده بالصلیب. )منه دام ظلّه(
(5). أشار بقوله هذا إلى المسیح(علیه السلام). )منه دام ظلّه(
(6). دعائم الإسلام 2 : 480 / 1719; مستدرک الوسائل 18 : 163، کتاب الحدود، أبواب حدّ المرتدّ، الباب 1، الحدیث 4.
(7). وسائل الشیعة 28 : 329، کتاب الحدود، أبواب حدّ المرتدّ، الباب 3، الحدیث 6.
(8). راجع: جواهر الکلام 30 : 47 ـ 50.
(9). جامع المقاصد 12 : 410 و411.
(10). المغنی، ابن قدامة 7 : 564.
(11). وسائل الشیعة 28 : 324، کتاب الحدود، أبواب حدّ المرتدّ، الباب 1، الحدیث 3.
(12). وسائل الشیعة 28 : 323، کتاب الحدود، أبواب حدّ المرتدّ، الباب 1، الحدیث 2.
(13). کما أنّ الغالب فی زمن الصادقین(علیهما السلام) کون الارتداد عن فطرة، فتأمّل. )منه دام ظلّه(
(14). وسائل الشیعة 28 : 328، کتاب الحدود، أبواب حدّ المرتدّ، الباب 3، الحدیث 5.
(15). وسائل الشیعة 26 : 27، کتاب الفرائض والمواریث، أبواب موانع الإرث، الباب 6، الحدیث4.
(16). ریاض المسائل 10 : 241.

 

حکم العدّة فی ارتداد الزوج أحکام ارتداد الزوجین
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma