نکاح المسیار

موقع سماحة آية الله العظمى مكارم الشيرازي(دام ظله).

صفحه کاربران ویژه - خروج
الترتيب على أساس
 
انوار الفقاهة - کتاب النکاح-2
النکاح بقصد الطلاق المقام الخامس: فی حکمة هذا الحکم وفلسفته


نکاح المسیار
«المِسیار» ـ کما ذکره غیر واحد من المعاصرین ـ : لیس لفظاً معجمیّاً موجوداً فی مصادر اللغة، وإنّما هو کلمة عامّیة دارجة فی بعض بلاد الخلیج ونجد، ومعناه: المرور وعدم المکث الطویل، أو الزیارة السریعة، أو المرور على الشیء فی أیّ وقت شاء، أو الزوّار الذین لا یطیلون المکث عند المضیّف. وهذه التعبیرات الأربعة تشترک فی المعنى والمقصود إجمالاً; وإن تفاوتت من بعض الجهات.
وإنّما سمّی زواج المسیار بهذا الاسم; لأنّه ـ کما سیأتی إن شاء الله ـ زواج یمرّ الزوج فیه على زوجته فی أیّ وقت شاء، ولا یمکث عندها مدّة طویلة.
وقد عُرِّف بتعاریف یتقارب بعضها من بعض، وحاصل الجمیع: أنّ زواج المسیار زواج یتمّ بالإیجاب والقبول وجمیع شروط الزواج، ولکنّ الزوجة تتنازل عن بعض حقوقها، مثل النفقة، والسکنى، وحقّ القسم، والمبیت عندها، ومراعاة العدل بینها وبین سائر أزواجه; لو کان له زوجة اُخرى.
وفی جملة قصیرة: هو أنّ الحاجة إلى زواج المسیار، هی الحاجة الجنسیة لکلا الزوجین من دون قیود وشروط تسبّب مشکلة فی الاقتران بینهم(1).
والعلّة فی حدوث هذا النوع من الزواج، هی عین ما مرّ فی عقد المتعة من الضرورات الاجتماعیة والأخلاقیة التی بانت فی عصرنا أکثر من السابق.
وقد اختلف علماء السنّه فی صحّته، والذی استقرّت علیه فتاوى کثیر منهم هو صحّته، فممّن صرّح بجوازه مفتی الدیار المصریة الدکتور نصر فرید واصل، والدکتور القرضاوی فی کتابه «زواج المسیار، حقیقته وحکمه» وقد أکّد فیه على أنّه ذکره فی جمع من العلماء، فرحّب کثیر منهم بهذه الفتوى.
والمنقول من ابن باز مفتی السعودیة سابقاً: أنّه أمر جائز مع بعض الشروط التی ذکرها.
ولکنّ المنقول عن بعض آخر ـ مثل شیخ الأزهر السابق الشیخ جاد الله، وبعض آخر ـ حرمة زواج المسیار(2).
والمعروف بین علماء الإمامیة فی عصرنا، صحّة هذا الزواج مع بعض الشروط التی ستأتی الإشارة إلیها. ونحن أیضاً نعتقد بصحّة هذا الزواج مع شرط یأتی إن شاء الله.
وللقرضاوی کلام فی المقام یعجبنا ذکره بالإجمال; وهو أنّه یقول ما ملخّصه: لقد أوجدت فتواى حول ما یسمّى: «زواج المسیار» ضجّة کبیرة فی الخلیج وفی البلاد العربیة، وقال بعض الأصدقاء: لقد أغضبت أکثریة النساء فی قطر، والحال أنّهنّ کنّ معک فی کلّ ما تقول، قلت: إنّ العالِم إذا أصبح یرید إرضاء طوائف الناس وإن أسخط ربّه، فقد ضلّ سعیه، وخسر.
ثمّ قال: «إنّ من أخطر آفات أهل العلم وأهل الفتوى خاصّة، أمرین: اتّباع أهواء السلاطین والحکّام، واتّباع أهواء العامّة والدخول فی سوق المزایدات، والثانی أشدّ خطراً; لأنّ الأوّل سینکشف أمره، والثانی قد لا ینکشف أبداً».
ثمّ قال: «إنّی لا اُحبّذ زواج المسیار، ولست من المرغّبین فیه، ولکنّ الحکم الإلهی یدلّ على جوازه وعدم المنع منه»(3).
وعلى کلّ حال: فعمدة دلیل القائلین بجوازه، أنّ فیه جمیع شروط الزواج الدائم، وتنازل المرأة عن بعض حقوقها لا مانع منه إذا کان برضاها، والأحکام تدور مدار الواقعیات، لا الأسامی.
واُحبّ شرح ذلک مطابقاً لاُصول أصحابنا الإمامیة فنقول ـ ومن الله التوفیق والهدایة ـ : إنّ عدم الإنفاق علیها وکذلک عدم القسم وشبهه، على نحوین:
فتارةً: یعتبر فی العقد بعنوان شرط النتیجة; بأن یقول الرجل: «أتزوّجک على أن لا تکون لک النفقة وشبهها» فتقول المرأة: «قبلت» ولعلّ هذا شرط فاسد; لأنّ استحقاق النفقة والقسم فی العقد الدائم، من أحکام الشرع، فلایجوز تغییره بالشرط، فیسقط الشرط; لأنّه مخالف للشرع وإن کان الشرط الفاسد لایفسدالمشروط على المختار.
واُخرى: بعنوان شرط الفعل; بأن تقول المرأة: «زوّجتک نفسی على أن لاأطلب منک النفقة والقسم، وأتنازل عن حقّی فی هذه الاُمور» وهذا صحیح لامانع منه شرعاً.
بل قد یقال: إسقاط حقّ النفقة والقسم بعنوان شرط النتیجة، أیضاً لا مانع منه; لأنّهما من الحقوق القابلة للإسقاط، ولذا ورد فی بعض الروایات ـ کما فی «صحیح البخاری» و«صحیح مسلم» ـ : «أنّ سودة زوجة النبی(صلى الله علیه وآله وسلم) لمّا کبرت جعلت قسمها لعائشة».
لکن هذا لیس إسقاطاً بمعنى عدم الاستحقاق بعد ذلک، بل بمعنى التنازل عن الحقّ.
وأمّا التنازل عن الحقّ بعد الزواج بدون شرط، فهو ممّا لا ینبغی الإشکال فیه. هذا کلّه فی غیر الإرث.
وأمّا الإرث، فهو حکم إلهی لرابطة نسبیة أو سببیة لایمکن إسقاطه بسبب الشرط وغیره، فلو قال أحد: «شرطت على نفسی أن لا أرث من أبی» فی ضمن عقد لازم، لا یقبل هذا الشرط، کما أنّ شرط غیر الوارث أیضاً غیر مقبول.
نعم، یصحّ للوارث أن یشترط فی ضمن عقد لازم أنّه یرفع یده عن إرثه، أو یهبه لفلان وفلان.
والحاصل: أنّ نکاح المسیار ـ بحسب الظاهر ـ نکاح دائم مع جمیع شروطه، إلاّ أنّه لیس فیه نفقة، ولا قسم، ولا إرث; وذلک باشتراط عدم مطالبتها بهذه الحقوق، لا لعدم استحقاقها، ولا مانع منه بحسب العمومات وإطلاقات الأدلّة، وبملاحظة الاُصول الثابتة من الشرع.
وأمّا القائل بالبطلان فاستند إلى اُمور واهیة، مثل أنّه لاتتحقّق فی زواج المسیار أهداف الشرع من النکاح; أی التوالد، والسکن، والمودّة، والرحمة.
ومثل أنّه یخشى من هذا الزواج ابتزاز الرجل للمرأة وضغطه علیها; لیأخذ ما عندها من هذا الطریق.
ومثل أنّه مخالف لقوله تعالى: (الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللهُ بَعْضَهُمْ عَلى بَعْض وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ)(4).
وأنّ لازمه الکتمان، مع أنّ الأصل فی الزواج الإعلان.
وأنّه سبب لمسّ کرامة النساء; ووهن کیانهنّ.
وأنّه شبیه المتعة الباطلة عندهم.
ولکنّ الجمیع کما ترى; فإنّها ـ فی الغالب ـ نشأت عن نسیان الفرق بین العلّة والحکمة فی باب الأحکام والقوانین الإلهیة والعرفیة; فإنّ الحکمة أمر غالبی لا دائمی، فإذا قیل: «إنّ الله شرع النکاح لبقاء النسل» لیس معناه أنّ العاقر من النساء أو العجوز التی لاتلد، لایجوز لهنّ النکاح، فأهداف الشرع فی النکاح اُمور غالبیه، لا دائمیة، وکذا کون الرجال قوّامین على النساء. هذا من ناحیة.
ومن ناحیة اُخرى، فإنّ سوء الاستفادة من بعض قوانین الإسلام من ناحیة العُصاة والفسّاق، لا یضرّ بصحّتها، کما إنّ سرقة بعض السارقین من المساجد، لایکون دلیلاً على سدّ أبوابها.
وأمّا مسّ کرامة المرأة فهو خیال باطل; لأنّ إشباع القوى الجنسیة عن طریق مشروع وعدم الانغمار فی الفساد، هو من أهمّ مقاصد النکاح، فقد روی عن النبی(صلى الله علیه وآله وسلم): «مَن تزوّج أحرز نصف دینه، فلیتّق الله فی النصف الآخر»(5).
بل الإنصاف: أنّ ترک هذا الزواج فی کثیر من الموارد، سبب لوهن مقامهنّ وانهماکهنّ فی الشهوات.
وأمّا الکتمان فلیس من لوازم نکاح المسیار، فکثیراً ما یمکن أن یکون بدعوة الأولیاء.
بقیت مشابهته لنکاح المتعة، وهی حقّ، فلیس بینه وبینها فرق إلاّ فی بعض الألفاظ; فإنّ نکاح المسیار موقّت واقعاً وإن کان بلفظ الدائم، ولیس من نیّة الزوج والزوجة الدوام غالباً، وأمّا سائر أحکامه فهی بعینها أحکام المتعة، وهذا من محاسنه، لا من عیوبه.
فیاللعجب! لأنّ القوم یشدّدون النکیر على القائلین بالمتعة; بزعم أنّها سبب لکذا وکذا، مع أنّ جمیعها موجود فی نکاح المسیار. نعم، ضرورات الزمان ألزمتهم بهذا.
بل یمکن أن یقال: إنّ نکاح المتعة أحسن و أوفق بمکارم الأخلاق من المسیار; فإنّ الزوج فی نکاح المسیار إن صرّح لزوجته بأنّه قاصد لأمر موقّت وإن أتى بصیغة النکاح بصورة الدوام، فهذا نوع من الریاء، و إن کتم عنها ذلک فهذا نوع من الخیانة و الغدر.
نعم، إذا ترک الإنسان سنّة نبیّه(صلى الله علیه وآله وسلم) لسنّة غیره، یقع فی أمثال هذه المشاکل والخطایا.


(1). حقیقة زواج المسیار ومشروعیته: 95.
(2). حقیقة زواج المسیار ومشروعیته: 95.
(3). زواج المسیار حقیقته وحکمه: 5، إلى ما بعدها.
(4). النساء (4): 34.
(5). وسائل الشیعة 20 : 16، کتاب النکاح، أبواب مقدّمات النکاح وآدابه، الباب1،الحدیث 11 و12.

 

النکاح بقصد الطلاق المقام الخامس: فی حکمة هذا الحکم وفلسفته
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma