إبراء المرأة الصداق قبل الدخول

موقع سماحة آية الله العظمى مكارم الشيرازي(دام ظله).

صفحه کاربران ویژه - خروج
الترتيب على أساس
 
انوار الفقاهة - کتاب النکاح-3
حول اختلاف الزوجین فی الدخول تملک المرأة الصداق بنفس العقد


إبراء المرأة الصداق قبل الدخول
(مسألة 16) : لو أبرأته من الصداق الذی کان علیه، ثمّ طلّقها قبل الدخول، رجع بنصفه علیها، وکذا لو کان الصداق عیناً فوهبته إیّاها، رجع بنصف مثلها إلیها أو قیمة نصفها.
 
إبراء المرأة الصداق قبل الدخول
أقول: هذه المسألة معروفة بین الأصحاب; حتّى قال فی «المسالک»: «هذا هو المذهب» وإلیک نصّ کلامه، قال(قدس سره): «المشهور بین الأصحاب ـ وهو الذی قطع به المصنّف ـ أنّه یرجع علیها بنصف المهر; لتصرّفها فیه قبل الطلاق تصرّفاً ناقلا عن ملکها بوجه لازم، فلزمها عوض النصف، کما لو نقلته إلى ملک غیره، أو أتلفته، وهذا هو المذهب. وحکى فی «القواعد» وجهاً بعدم الرجوع، وقبله الشیخ فی «المبسوط» وهو قول لبعض العامّة»(1).
وذکر فی «الجواهر» مثله، إلاّ أنّه أضاف إلى قول المخالفین، الحکایة عن «الجواهر» للقاضی أیضاً(2).
واختاره فی «مهذّب الأحکام» ونسبه أیضاً إلى مشهور الأصحاب»(3).
واستدلّ لهذا القول تارة: بالقاعدة، واُخرى: ببعض النصوص الخاصّة:
أمّا الاُولى: فلما مرّت الإشارة إلیه فی کلام «المسالک» من أنّ الزوجة قد أتلفت المهر بالإبراء وإن هو إلاّ مثل إتلاف عینه، أو نقله إلى غیره بنقل لازم! فکما أنّه یجب علیها دفع نصفه لو نقلته إلى ثالث أو أتلفته، فکذا هنا.
وقد اُجیب عنه: بأنّ المقام لا یدخل تحت عنوان «النقل إلى الغیر» أی التصرّفات الناقلة، لأنّ الزوج لا یملک فی ذمّة نفسه شیئاً، ولا تحت عنوان «الإتلاف» لأنّه لا یوجد فی المقام إلاّ إسقاط حقّ الغیر، لا إتلافه.
وأجاب عنه فی «الجواهر»: «بأنّ صدق التصرّف هنا معلوم; وإن کان مقتضاه فراغ ذمّة الزوج عنه»(4).
ولکنّ الإنصاف: أنّ المراد بالتصرّف والإتلاف، هو ما لا ترجع فائدته إلى الزوج، فلا یقال: «إنّها أتلفت مهرها; لأنّها وهبته لزوجها، فلابدّ له من بدل» والناس یتعجّبون من الزوج إذا قال: «أعطینی نصف المهر; فقد أتلفته علیّ» أو «تصرّفتِ فیه» فإنّها تقول: «کلّه عندک، ولیس عندی منه شیء» کما إنّه لیس الإبراء بمنزلة القبض.
هذا مضافاً إلى أنّ الهبة أو الإسقاط، منصرف إلى صورة بقاء الزوجیة، لا ما إذا طلّقها قبل الدخول، ولم یعطها شیئاً، وطلب منها نصف المهر.
وأمّا الثانیة: فهی روایات:
منها: ما رواه سماعة، قال: سألته عن رجل تزوّج جاریة، أو تمتّع بها، ثمّ جعلته من صداقها فی حلّ، أیجوز أن یدخل بها قبل أن یعطیها شیئاً؟ قال:«نعم، إذا جعلته فی حلّ فقد قبضته منه، وإن خلاّها قبل أن یدخل بها، ردّت المرأة على الزوج نصف الصداق»(5).
ودلالتها ظاهرة فی المطلوب، کما إنّ سندها معتبر.
ومنها: ما رواه شهاب بن عبد ربّه، قال: سألت أبا عبدالله(علیه السلام) عن رجل تزوّج امرأة على ألف درهم، فبعث بها إلیها، فردّتها علیه، ووهبتها له وقالت: أنا فیک أرغب منّی فی هذا الألف، هی لک، فتقبّلها منها، ثمّ طلّقها قبل أن یدخل بها، قال: «لا شیء لها، وتردّ علیه خمسمائة درهم»(6).
وطریقها ضعیف على روایة الکلینی والشیخ; لأنّ فیه صالح بن رَزین، وهو مجهول، ولکن طریق الصدوق إلى شهاب صحیح، کما فی «جامع الرواة».
وأمّا من حیث الدلالة، فهی ناظرة إلى ما إذا کان المهر عیناً، فإن قلنا بإلغاء الخصوصیة وعدم الفرق بین الهبة والإبراء، فیمکن الاستدلال بها، وإن قلنا: إنّ الأمر فی العین أوضح; لما فیها من التصرّف الناقل، وهو الهبة، بخلاف الإبراء فی المهر، فإنّه صرف النظر عن الحقّ، لا تملیک، فیشکل الاستدلال بها.
ومنها: ما رواه محمّد بن مسلم، قال: سألت أبا عبدالله(علیه السلام) عن رجل تزوّج امرأة، فأمهرها ألف درهم، ودفعها إلیها، فوهبت له خمسمائة درهم; وردّتها علیه، ثمّ طلّقها قبل أن یدخل بها، قال: «تردّ علیها الخمسمائة الدرهم الباقیة; لأنّه إنّما کانت لها خمسمائة درهم، فوهبتهاله، فهبتها إیّاهاله ولغیره سواء»(7).
ولا یبعد صحّة سند الروایة.
وأمّا دلالتها على المقصود ـ فی الجملة ـ فظاهرة; لأنّ المفروض أنّ حقّها فی المال کان خمسمائة، وقد وهبتها لزوجها، والباقی عندها لابدّ وأن یرجع إلى الزوج; بمقتضى الطلاق قبل الدخول، والحاصل أنّ جمیع المهر یرجع إلى الزوج; نصفه بمقتضى الهبة، ونصفه بمقتضى الطلاق، هذا.
ولکنّها أیضاً ناظرة إلى ما إذا کان المهر عیناً، وقد قبضتها من الزوج، فإن أمکن إلغاء الخصوصیة عنها إلى هبة الجمیع ثمّ إلى الدین فهو، وإلاّ فهی تصلح أن تکون دلیلا للفرع الآتی.
ومن الجدیر بالذکر: أنّ الروایة تدلّ على أنّه لیس هنا حکم تعبّدی، بل یجری مجرى القاعدة; فإنّ التعلیل الوارد فی ذیلها شاهد قویّ على ذلک.وکذلک قوله فی الروایة الاُولى: «فقد قبضته منه» فإنّه فی قوّة التعلیل أیضاً، هذا.
ومع وجود هذه الروایات وعمل المشهور بها، یشکل العدول عن هذه الفتوى.
ولکن لو قلنا: بأنّ الأحوط عدم أخذ شیء منها بعد الطلاق، کان جدیراً; لأنّ العرف لا یرى حقّاً للزوج ما عدا أخذ جمیع المهر، بل یرى أخذ ما زاد علیه، نوعاً من الإجحاف بحقّها، هذا ما عندنا، والله وأولیاؤه أعلم بحقائق الأحکام.
ولو کان المهر عیناً وقبضتها، ثمّ وهبتها للزوج، ثمّ طلّقها الزوج قبل الدخول، یرجع علیها بنصف مثلها إن کانت مثلیّة، کالحنطة، والشعیر، والذهب،والفضّة، وبنصف قیمتها لو کانت قیمیة، کما إذا کان المهر داراً، أو فرساً، أو شبه ذلک.
والدلیل علیه أوّلا: دعوى الإجماع السابق; وإن کان فیه ما فیه.
وثانیاً: ورود غیر واحدة من روایات الباب فی خصوص العین، کما مرّ آنفاً.
وثالثاً: أولویة العین بالنسبة إلى الدین; لأنّ هبة العین کإتلاف لها، بخلاف الإبراء، فإنّه لیس هبة; لأنّ الإنسان لا یملک على نفسه شیئاً، بل إسقاط حقّ، وفی العین یصدق القبض، ولکن فی الدین لا یکون قبض، فلو قلنا فی الدین بجواز الرجوع، ففی العین بطریق أولى.
ولکن یلاحظ علیها ما مرّ:
فأوّلا: أنّ العرف یرى هذا إجحافاً بحقّ الزوجة.
وثانیاً: أنّه أقدم على هذه الهبة لبقاء الزوجیة، فکأنّها شرطت فی الهبة ذلک. وإن کان یمکن أن یقال: إنّ هذا من قبیل الداعی لا الاشتراط.
نعم، لو علمت بأنّه سیطلّقها، ومع ذلک وهبتها له، فالقول برجوعه بنصف المهر علیها قریب; لأنّه یکون من قبیل الهبة للأجنبی، هذا.
وقد عرفت: أنّه یشکل رفع الید عن روایات الباب مع عمل المشهور بها; وإن کان الأحوط للزوج عدم أخذه منها، والله العالم بحقائق الاُمور.
بقی هنا شیء: وهو أنّها لو وهبته نصف مهرها، ثمّ طلّقها قبل الدخول، فمقتضى ما سبق وجوب دفع النصف الباقی إلیه، وقد وقع التصریح به فی روایة محمّد بن مسلم(8).
والعجب من المحقّق السبزواری فی «المهذّب» حیث قال ـ فی شرح المسألة33 من أبواب المهور: «لو وهبت نصف مهرها، ثمّ طلّقها الزوج قبل الدخول، یرجع إلیها ربع مهرها، وهکذا بالنسبة» ـ ما نصّه: «لفرض أنّها بعد الهبة مالکة لنصف المهر، فإذا طلّقت قبل الدخول یستقرّ ملکها بالنسبة إلى الربع...»(9).
وفیه إشکال ظاهر; فإنّ المدار على دفع نصف المهر عند العقد، لا عند الطلاق، وإلاّ لم یجب علیها شیء عند إبرائها أو هبتها أجمع.


(1). مسالک الأفهام 8 : 239.
(2). جواهر الکلام 31 :90.
(3). مهذّب الأحکام 25 : 173.
(4). جواهر الکلام 31 : 90.
(5). وسائل الشیعة 21 : 301، کتاب النکاح، أبواب المهور، الباب 41، الحدیث 2.
(6). وسائل الشیعة 21 : 301، کتاب النکاح، أبواب المهور، الباب 41، الحدیث 1.
(7). وسائل الشیعة 21 : 294، کتاب النکاح، أبواب المهور، الباب 35، الحدیث 1.
(8). وسائل الشیعة 21 : 294، کتاب النکاح، أبواب المهور، الباب 35، الحدیث 1.
(9). مهذّب الأحکام 25 : 175.
 
 
حول اختلاف الزوجین فی الدخول تملک المرأة الصداق بنفس العقد
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma