الحقّ الثالث

موقع سماحة آية الله العظمى مكارم الشيرازي(دام ظله).

صفحه کاربران ویژه - خروج
الترتيب على أساس
 
انوار الفقاهة - کتاب النکاح-3
حقوق الزوجة على الزوج الحقّ الثانی


الحقّ الثالث
من حقوق الزوج على الزوجة، ما ذکره المصنّف بقوله: «بل ورد أن لیس لها أمر مع زوجها فی صدقة ولا هبة ولا نذر فی مالها إلاّ بإذنه; إلاّ فی حجّ أو زکاة أو برّ والدیها، أو صلة قرابتها».
وهذه من المسائل المهمّة فی عصرنا، فهل أنّ المرأة تستقلّ بالتصرّف فی أموالها، أو أنّه لیس لها استقلال فی الاُمور الاقتصادیة المرتبطة بها؟ والأصحاب لم یتعرّضوا لتفصیل ذلک وشرح أدلّته غالباً; إلاّ إشارات طفیفة فی بعض عباراتهم.
وقد صرّح بمثل ما ذکره المصنّف فی «الجواهر» بقوله: «بل لیس للمرأة أمر مع زوجها فی عتق ولا صدقة ولا تدبیر ولا هبة ولا نذر فی مالها; إلاّ بإذن زوجها، إلاّ فی حجّ، أو زکاة، أو برّ والدیها، أو صلة قرابتها»(1).
والمصنّف أخذه منه مع تغییر یسیر. ولکن ظاهر عبارته أنّه لم یطمئنّ بهذه الفتوى، ولذا قال: «ورد کذا».
وعلى کلّ حال: لا شکّ فی أنّ الأصل فی المسألة، جواز تصرّف کلّ إنسان فی ماله مادام حیّاً ـ بمقتضى «الناس مسلّطون على أموالهم» ـ بلا حاجة إلى إذن أحد، وقد وردت روایات کثیرة فی أبواب مختلفة، ولا سیّما فی الباب 17 من أبواب أحکام الوصایا من «الوسائل» دلّت على أنّ صاحب المال یعمل بماله ما شاء ما دام حیّاً; إن شاء وهبه، وإن شاء تصدّق به، وإن شاء ترکه إلى أن یأتیه الموت(2). وهذا ممّالا کلام فیه.
إنّما الکلام فی أنّه هل قام دلیل على عدم جواز استقلال الزوجة بالتصرّف فی أموالها إلاّ بإذن زوجها، أم لا؟
قد وردت أخبار تدلّ على ذلک:
منها: ما رواه عبدالله بن سِنان، عن أبی عبدالله(علیه السلام) قال: «لیس للمرأة مع زوجها أمر فی عتق ولا صدقة ولا تدبیر ولا هبة ولا نذر فی مالها; إلاّ بإذن زوجها; إلاّ فی حجّ، أو زکاة، أو برّ والدیها، أو صلة رحمها»(3).
ومنها: عن ابن أبی عمیر، عن جمیل بن درّاج، عن بعض أصحابنا: فی المرأة، تهب من مالها شیئاً بغیر إذن زوجها؟ قال: «لا»(4).
ومنها: ما رواه جابر بن یزید الجُعْفی، عن الباقر(علیه السلام) فی روایة طویلة ذکر فیها کثیر من الأحکام المختصّة بالنساء، وفیها: «لایجوز للمرأة فی مالها عتق ولا برّ; إلاّ بإذن زوجها»(5).
والحدیث ضعیف السند; لجهالة جعفر بن محمّد بن عُمارة، وأحمد بن الحسن القَطّان. ولکن دلالتها ظاهرة; لولا أنّ الحکم وقع بین أحکام کثیرة، وفیها اُمور مستحبّة قطعاً. هذا ما ظفرنا به من روایات المسألة.
نعم، هناک روایات کثیرة وردت فی أبواب مختلفة، قد أشرنا إلى بعضها سابقاً، مفادها أنّه لا یجوز لها أن تعطی شیئاً من بیت زوجها إلاّ بإذنه، ولکنّها أجنبیّة عمّا نحن فیه; لأنّ عدم جواز التصرّف فی مال الغیر إلاّ بإذنه، أمر واضح لا یختصّ بالزوجة، بل یجری فی الجمیع.
ولکن هل هذا الحکم حکم شرعی إلزامی، أو حکم أخلاقی؟
هناک روایات وقرائن اُخرى تدلّ على الثانی:
منها: الروایات الکثیرة التی أشرنا إلیها آنفاً، والدالّة على أنّها لا تتصدّق بشیء من مال الزوج إلاّ بإذنه(6)، فإنّ التقیید الوارد فی هذه الروایات الکثیرة ـ بأنّه لا یجوز لها الإنفاق من بیت زوجها إلاّ بإذنه ـ قرینة على أنّه لو کان من مالها لم یحتج إلى إذن الزوج، فلو کان کلّ منهما مقیّداً به، لما صحّ ذکر خصوص مال الزوج بهذا القید، مع أنّها فی مقام بیان ما یحرم على المرأة.
ومنها: ما رواه أبو مریم، عن أبی عبدالله(علیه السلام) عن أبیه(علیه السلام) فی قصّة اُمَامة، وحاصلها أنّها کانت زوجة المغیرة، فوجعت وجعاً شدیداً حتّى اعتقل لسانها،فجاءها الحسن والحسین ابنا علی(علیه السلام) وهی لا تستطیع الکلام، فجعلا یقولان لها ـ والمغیرة کاره لذلک ـ : «أعتقت فلاناً وأهله؟» فجعلت تشیر برأسها:لا، وکذا وکذا؟ فجعلت تشیر برأسها: نعم; لا تفصح الکلام، فأجازا ذلک له(7).
ولا یبعد وثاقة السند، ودلالتها ظاهرة فی جواز تصرّفات الزوجة بدون إذن زوجها، بل مع کراهته.
اللهمّ إلاّ أن یقال: إنّها قضیّة فی واقعة; لما فی المغیرة بن نوفل بن الحرث بن عبدالمطّلب، من الإشکال.
ومنها: عدم فتوى الأصحاب بذلک إلاّ قلیلا، ولو کان ذلک حکماً شرعیاً لوضح وبان; لأنّه مورد الابتلاء; لأنّ المرأة کثیراً ما ترث من أبیها أو اُمّها أموالا کثیرة.
وذکر فی «الجواهر» فی کتاب النذر ـ بعد ذکر روایة عبدالله بن سِنان
السابقة ـ : «أنّ هذه الروایة لا تنافی جواز تبرّعها فی مالها بغیر إذنه; إذ لعلّ فی الإلزام حکماً یفارق التبرّع»، فقد أرسل الحکم إرسال المسلّمات، وقال هناک أیضاً: «إنّ الاستثناء منها إنّما هو من التصرّف فی مالها»(8).
ومنها: أنّ ظاهر الاستثناء فی صحیحة ابن سِنان، شمول غیر النفقات الواجبة; فإنّ برّ الوالدین یتحقّق بالأعمّ من النفقة الواجبة والمستحبّة، ولازمه عدم الحاجة إلى الاستئذان فی الإنفاقات مطلقاً، فیدلّ على کون الحکم بالاستئذان، محمولاعلى نوع من الاستحباب.
فتلخّص ممّا ذکرنا: أنّ إثبات وجوب الإذن تکلیفاً أو وضعاً، ممّا لا دلیل علیه یعتدّ به، فالأقوى عدم الوجوب; وإن کان الأولى هو الاستئذان.


(1). جواهر الکلام 31 : 147.
(2). وسائل الشیعة 19 : 296 ـ 297، کتاب الوصایا، الباب 17، الحدیث 2 و4 و8.
(3). وسائل الشیعة 19 : 214، کتاب الوقوف والصدقات، الباب 17، الحدیث 1.
(4). وسائل الشیعة 19 : 214، کتاب الوقوف والصدقات، الباب 17، الحدیث 2.
(5). مستدرک الوسائل 14 : 60، کتاب الوقوف والصدقات، الباب 11، الحدیث 2.
(6). رواها فی الوسائل 20 : 157 و210، الباب 79 و117 من أبواب مقدّمات النکاح; وفی المستدرک 14 : 237 و279، الباب 60 و90; وفی سنن البیهقی 7 : 292، وغیر ذلک.)منه دام ظلّه(
(7). وسائل الشیعة 19 : 373، کتاب الوصایا، الباب 49، الحدیث 1.
(8). جواهر الکلام 35 : 360.
 


 
 

حقوق الزوجة على الزوج الحقّ الثانی
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma