حقّ المبیت والمضاجعة

موقع سماحة آية الله العظمى مكارم الشيرازي(دام ظله).

صفحه کاربران ویژه - خروج
الترتيب على أساس
 
انوار الفقاهة - کتاب النکاح-3
اختصاص وجوب المبیت بالدائمة حقوق الزوجة على الزوج


حقّ المبیت والمضاجعة
(مسألة 1) : من کانت له زوجة واحدة، لیس لها علیه حقّ المبیت عندها والمضاجعة معها فی کلّ لیلة، بل ولا فی کلّ أربع لیال لیلة على الأقوى، بل القدر اللازم أن لا یهجرها ولا یذرها کالمعلّقة; لا هی ذات بعل ولا مطلّقة. نعم،لها علیه حقّ المواقعة فی کلّ أربعة أشهر مرّة کما مرّ. وإن کانت عنده أکثر من واحدة فإن بات عند إحداهنّ یجب علیه أن یبیت عند غیرها أیضاً، فإن کنّ أربعاً وبات عند إحداهنّ طاف على غیرها لکلّ منهنّ لیلة، ولا یفضّل بعضهنّ على بعض، وإن لم تکن أربعاً یجوز له تفضیل بعضهنّ، فإن تک عنده مرأتان یجوز له أن یأتی إحداهما ثلاث لیال والاُخرى لیلة، وإن تک ثلاثاً فله أن یأتی إحداهنّ لیلتین واللیلتان الاُخریان للاُخریین. والمشهور: أنّه إذا کانت عنده زوجة
واحدة کانت لها فی کلّ أربع لیال لیلة وله ثلاث لیال. وإن کانت عنده زوجات متعدّدة یجب علیه القسم بینهنّ فی کلّ أربع لیال، فإن کانت عنده أربع کانت لکلّ منهنّ لیلة، فإذا تمّ الدور یجب علیه الابتداء بإحداهنّ وإتمام الدور وهکذا، فلیس له لیلة، بل جمیع لیالیه لزوجاته. وإن کانت له زوجتان فلهما لیلتان فی کلّ أربع ولیلتان له، وإن کانت ثلاث فلهنّ ثلاث والفاضل له، والعمل به أحوط، خصوصاً فی أکثر من واحدة، والأقوى ما تقدّم، خصوصاً فی الواحدة.
 
أقول: لا شکّ فی أنّ بناء الاُسرة فی الإسلام، على المحبّة، والرفق، والعدالة، والمدارة، کما قال الله تعالى: (وَمِنْ آیَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَکُمْ مِنْ أَنْفُسِکُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْکُنُوا إِلَیْهَا وَجَعَلَ بَیْنَکُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً)(1).
وقال تعالى: (وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ کَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَکْرَهُوا شَیْئاً وَیَجْعَلَ اللهُ فِیهِ خَیْراً کَثِیراً)(2).
فأمر بالمعاشرة بالمعروف حتّى مع الکراهة من الزوج، وما دامت المحبّة موجودة والمعاشرة بالمعروف، لا تصل النوبة إلى مراعاة بعض الحدود والحقوق، ولکن مع ذلک جعل الشارع المقدّس لکلّ منهما حقوقاً، وألزمهما بمراعاتها، ومنها حقّ القسم أو القسمة بین الأزواج، والغرض استئناس کلّ منهما بالآخر بمبیت الزوج عند المرأة; مع المضاجعة، أو بدونها، وسیأتی حکم المضاجعة إضافة إلى المبیت، فإنّهماأمران مختلفان.
ولا شکّ فی وجوبها إجمالا، بل اتّفق علیها المسلمون، ولکنّ الکلام فی خصوصیاتها وکیفیاتها.
وفی المسألة من هذه النظرة، أقوال ثلاثة:
الأوّل: وجوب القسمة ابتداءً ولو فی الواحدة; فلها لیلة، وللزوج ثلاث لیال; یتخیّر فیها فی المبیت عندها وعدمه. وإن تعدّدت فلکلّ منهما لیلة، والباقی له; إلى أن تبلغ أربعاً، فلا یبقى له شیء. وهذا القول هو المشهور بین الأصحاب، ولعلّه کذلک بین العامّة أیضاً.
الثانی: أنّه تجب القسمة ابتداءً إذا تعدّدت الزوجات; فلو کانت له واحدة لم یجب فی حقّه شیء. وهذا القول محکیّ عن ابن حمزة، و«المقنعة» و«النهایة» و«الغنیة» و«المهذّب» و«الجامع»(3).
الثالث: أنّه لا تجب القسمة ابتداءً، بل تجب إذا شرع فیها; فما لم یبت عند إحداهنّ لم یجب علیه شیء، وإذا بات عند واحدة وجب لسائرهنّ; على النحو المذکور آنفاً. اختاره الشیخ فی «المبسوط» ومال إلیه فی «الشرائع» وقال: «هو أشبه» وقد عرفت اختیاره من المصنّف.
والذی یظهر من کلمات العامّة، أنّهم قائلون بوجوب المساواة بینهنّ مطلقاً; فلا یجوز تفضیل بعضهم على بعض، قال ابن قدامة فی «المغنی»: «لا نعلم بین أهل العلم ـ فی وجوب التسویة بین الزوجات فی القسم ـ خلافاً، وقد قال الله تعالى: (وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ) ولیس مع المیل معروف، وقال الله تعالى: (فَلاَ تَمِیلُوا کُلَّ الْمَیْلِ فَتَذَرُوهَا کَالْمُعَلَّقَةِ) وروى أبو هریرة قال: قال رسول الله(صلى الله علیه وآله): «من کانت له امرأتان فمال إلى إحداهما، جاء یوم القیامة وشقّه مائل» وعن عائشة قالت: کان رسول الله(صلى الله علیه وآله) یقسم بیننا فیعدل، ثمّ یقول: «اللهمّ هذا قسمی فیما أملک، فلا تلمنی فیما لا أملک» رواهما أبو داود»(4).
وقال فی «الفقه على المذاهب الأربعة»: «أمّا معناه» أی معنى القسم «فی اصطلاح الفقهاء: فهو العدل بین الزوجات فی البیتوتة; ولو کتابیة مع مسلمة، فإن کنّ حرائر سوّى بینهنّ; بحیث یبیت عند کلّ واحدة مثل ما یبیت عند ضرّتها»(5).
وظاهر هذه العبارة اتّفاق الفقهاء الأربعة فی ذلک، وهذا قول رابع فی المسألة.
وقال شیخ الطائفة فی کتاب «الخلاف»: «إذا کانت له زوجتان کان له أن یبیت عند واحدة ثلاث لیال، وعند الاُخرى لیلة واحدة. وخالف جمیع الفقهاء فی ذلک، وقالوا: یجب علیه التسویة بینهما. دلیلنا: إجماع الفرقة، وأخبارهم، ولأنّ حقّ الثلاث لیال له، بدلالة أنّ له أن یتزوّج ثنتین اُخراوین»(6). هذا بحسب أقوال الفقهاء فی المقام.
وأمّا بحسب الکتاب، فظاهر الآیات الکریمة وجوب المساواة بینهنّ، بحیث لا یفضّل واحدة على اُخرى; قال الله تعالى: (وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُوا فِى الْیَتَامَى فَانْکِحُوا مَا طَابَ لَکُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَکَتْ أَیْمَانُکُمْ ذلِکَ أَدْنَى أَلاَّ تَعُولُوا)(7).
دلّ على الاقتصار على الواحدة عند الخوف من عدم العدالة بینهنّ فی القسم،والنفقة، وغیرهما، والمراد من «العول» هنا المیل والانحراف عن العدالة،فمقتضى هذه الآیة لزوم المساواة بینهنّ; فإن کان له زوجان، یجعل لیلتین من الأربع لکلّ واحدة منهما، وهذا خلاف الأقوال الثلاثة لدى الأصحاب.
وأمّا قوله تعالى: (وَلَنْ تَسْتَطِیعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَیْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلاَ تَمِیلُوا کُلَّ الْمَیْلِ فَتَذَرُوهَا کَالْمُعَلَّقَةِ وَإِنْ تُصْلِحُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللهَ کَانَ غَفُوراً رَحِیماً)(8)، فقد صرّح أرباب التفسیر بأنّ المراد بها العدل فی المحبّة، والمراد من الآیة السابقة العدل فی القسم والنفقة; فإنّ المحبّة القلبیة خارجة عن اختیار الإنسان.
وبعض الناس لمّا لم یفهموا معنى الآیة، أوردوا علیها تارة: بأنّ لازمها عدم جواز تعدّد الزوجات; لأنّ التعدّد مشروط بالعدالة، والعدالة غیر ممکنة، فالتعدّد لا یجوز.
ویظهر الجواب عنه بالرجوع إلى التفسیر الذی ذکرنا فی الفرق بین الآیتین، وإلاّ کان قوله: (فَانْکِحُوا مَا طَابَ لَکُمْ...) لغواً.
واُخرى: بأنّ الآیتین متهافتتان فی المعنى، ومتناقضتان. ویظهر من بعض الروایات أنّ أوّل من أورد هذا الإیراد، هو ابن أبی العوجاء من زنادقة عصر الإمام الصادق(علیه السلام) فقد سأل هشام بن الحکم عن ذلک، فلم یقدر على الجواب، فجاء إلى المدینة، فقال الصادق(علیه السلام): «ما حملک على السفر فی غیر وقته؟» فذکر إیراد الزندیق، فأجابه الإمام(علیه السلام) بما ذکر، فرجع وأجاب الزندیق، فأقسم: «أنّ هذا لیس لک»(9).
وقد یذکر للآیة معنى آخر: وهو أنّ المراد منها استحباب المساواة فی النفقات والقسم; وعدم وجوبها.
ولکنّه بعید جدّاً; لأنّ العدالة فی ذلک أمر ممکن، فکیف یقول الله تعالى: (وَلَنْ تَسْتَطِیعُوا...) مع النفی المؤبّد؟!
والحاصل: أنّ المستفاد من الآیة الشریفة ـ بقرینة نفی الاستطاعة أبداً ـ هو عدم المساواة والعدالة فی المحبّة، ولکن نهى عن جعلها کالمعلّقة، بل اللازم المعاشرة معها معاشرة الزوج مع زوجته.
وقد یستدلّ بصدر الآیة الاُولى أیضاً على المطلوب; بأن یکون قوله: (وَإِنْ خِفْتُمْ...) أی إن خفتم ألاّ تقسطوا فی الیتامى، فخافوا أن لا تقسطوا فی النساء البالغات; أی لا یکن تحرّزکم فقط من ظلم الیتامى، بل لیکن تحرّزکم أیضاً من ترک القسط فی نسائکم.
ولکن هذا مبنیّ على کون الجزاء محذوفاً، وأمّا بناءً على ما ذکرنا من عدم حذف الجزاء، فلا وجه له.
وقد یتوهّم: أنّ الآیة اللاحقة ناسخة للآیة السابقة من سورة النساء. ولکنّ الظاهر أنّه لم یقل به أحد. مضافاً إلى أنّ الحکم بالعدالة، لیس من الأحکام التی یمکن عروض النسخ لها.
وقد یستدلّ أیضاً بقوله تعالى: (وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ)(10) فإنّ ترک المبیت عند الواحدة أیّاماً کثیرة ـ وإن لم یبلغ حدّ جعلها کالمعلّقة ـ لیس من المعاشرة بالمعروف، وکذا تفضیل بعض على بعض; بجعل ثلاث لیال لواحدة، ولیلة لواحدة.
فتحصّل من جمیع ذلک: أنّ مقتضى ظاهر الآیات القرآنیة، لزوم المساواة بین النساء فی القسم، والنفقة، وشبهها، وهذا مخالف لجمیع الأقوال الثلاثة المحکیة عن الأصحاب، فإنّ جمیعها ینفی المساواة، کما أنّها توافق مذهب المخالفین.
وأمّا بحسب الروایات، فهناک طائفتان من الأحادیث:
الطائفة الاُولى: ما تدلّ على عدم وجوب المساواة، بل یکفی جعل لیلة واحدة من الأربع لها، والباقی له یجعلها حیث یشاء، ولکن لا دلالة فی شیء منها على أحد الأقوال الثلاثة; من لزوم القسم للواحدة، أو لزوم القسم ابتداءً، أو بعد الشروع، وإلیک نصّها:
فمنها ما رواه الحلبی، عن أبی عبدالله(علیه السلام) قال سئل عن الرجل عنده امرأتان; إحداهما أحبّ إلیه من الاُخرى، أله أن یفضّل إحداهما على الاُخرى؟ قال: «نعم، یفضّل بعضهنّ على بعض ما لم یکنّ أربعاً»(11).
وسند الحدیث معتبر، ودلالته واضحة على جواز التفضیل فی غیر الأربع.
ومنها: ما رواه الحسین بن زیاد، عن أبی عبدالله(علیه السلام) ـ فی حدیث ـ قال: سألته عن الرجل تکون له المرأتان، وإحداهما أحبّ إلیه من الاُخرى، له أن یفضّلها بشیء؟ قال: «نعم، له أن یأتیها ثلاث لیال، و الاُخرى لیلة; لأنّ له أن یتزوّج أربع نسوة، فلیلتاه یجعلهما حیث یشاء... وللرجل أن یفضّل نساءه بعضهنّ على بعض; مالم یکنّ أربعاً»(12).
وسند الحدیث لا یخلو من ضعف; فإنّ الحسین بن زیاد مشترک بین العطّار والصیقل، والأوّل ثقة، ولکنّ الثانی مجهول الحال. وأمّا دلالته فهی ـ کسابقتها ـ ظاهرة فی جواز التفضیل.
ومنها: ما رواه محمّد بن مسلم، قال: سألته عن الرجل تکون عنده امرأتان; إحداهما أحبّ إلیه من الاُخرى، قال: «له أن یأتیها ثلاث لیال، والاُخرى لیلة، فإن شاء أن یتزوّج أربع نسوة کان لکلّ امرأة لیلة، فلذلک کان له أن یفضّل بعضهنّ على بعض ما لم یکنّ أربعاً»(13).
وسند الحدیث معتبر، کدلالته.
ومنها: مرسلة علی بن عُقْبة، عن رجل، عن أبی عبدالله(علیه السلام) قال: قلت له: الرجل تکون له امرأتان، أله أن یفضّل إحداهما بثلاث لیال؟ قال: «نعم»(14).
ومنها: ما رواه علی بن جعفر، عن أخیه موسى بن جعفر(علیه السلام) قال: سألته عن رجل له امرأتان، هل یصلح له أن یفضّل إحداهما على الاُخرى؟ قال: «له أربع; فلیجعل لواحدة لیلة، وللاُخرى ثلاث لیال»(15).
وفی سند الحدیث إشکال معروف، ودلالته ظاهرة.
ویتحصّل من هذه الروایات اُمور:
الأوّل: أنّ سؤال جمیع الرواة یکشف عن کون العدالة بین الزوجات ممّا یهمّهم، وتکون سبباً لسؤالهم.
الثانی: أنّه لا یدلّ شیء منها على واحد من الأقوال الثلاثة التی اختارها الأصحاب; فلا تدلّ على حکم الزوجة الواحدة، ولا على کون القسمة غیر مشروطة بالابتداء، أو مشروطة به.
نعم، هناک روایة واحدة تدلّ على وجوب القسم فی الواحدة.
ولعلّ القائلین بعدم وجوب القسم للواحدة وکذا عدم الوجوب قبل الابتداء به، أخذوا بالقدر المتیقّن من هذه الأخبار; وأنّها لا تدلّ على أزید ممّا ذکروه، فاللازم فی غیره الرجوع إلى البرائة.
الثالث: أنّه استدلّ فیها بأنّ جواز التفاضل، إنّما هو بسبب جواز تزویج الأربع، فإذا تزوّج أقلّ منهنّ کانت له اللیالی الباقیة، ولکنّ الإنصاف أنّ ظاهر الأدلّة تعلّق اللیالی بالباقیة عند وجودهنّ بالفعل، لا بالقوّة والاستعداد والإمکان، فإنّ الحقّ إنّما یحتاج إلى مورده بالفعل، فهذا الدلیل أیضاً ممّا یوجب الوهن فی هذه الروایات. مع مخالفتها لظاهر کتاب الله تعالى الدالّ على وجوب المساواة کما ذکره العامّة.
الطائفة الثانیة: الروایات الدالّة على وجوب المساواة إمّا بالمنطوق، أو بالمفهوم: أمّا ما دلّت بالمنطوق، فهی روایات:
منها: ما رواه سماعة، قال: سألته عن رجل کانت له امرأة فتزوّج علیها، هل یحلّ له أن یفضّل واحدة على الاُخرى؟ فقال: «یفضّل المحدثة حدثان عرسها ثلاثة أیّام إن کانت بکراً، ثمّ یسوّی بینهما بطیبة نفس إحداهما الاُخرى»(16).
وفی حدیث آخر: «إلاّ أن تطیب نفس إحداهما للاُخرى» وهو الصحیح.
ومنها: ما رواه عبدالرحمان بن أبی عبدالله، عن أبی عبدالله(علیه السلام): فی الرجل یکون عنده المرأة، فیتزوّج اُخرى، کم یجعل للتی یدخل بها؟ قال: «ثلاثة أیّام، ثمّ یقسّم»(17).
دلّت الروایتان على المقصود تارة بالمنطوق، واُخرى بالمفهوم وظاهر الأمر بالتسویة بعد مضیّ ثلاثة أیّام، هو الوجوب.
ومنها: ما رواه مُعَمَّر بن خلاّد، قال: سألت أبا الحسن: هل یفضّل الرجل نساءه بعضهنّ على بعض؟ قال: «لا، ولا بأس به فی الإماء»(18).
دلّت الروایة على النهی فی الحرائر الظاهر فی الحرمة، وذیلها إشارة إلى ما دلّ على جواز القسم للحرّة لیلتین، وللأمة لیلة واحدة.
ومنها: ما رواه الصدوق فی «عقاب الأعمال» بسنده عن رسول الله(صلى الله علیه وآله) قال: «من کانت له امرأتان فلم یعدل بینهما فی القسم من نفسه وماله، جاء یوم القیامة مغلولاً مائلاً شقّه حتّى یدخل النار»(19).
أمّا الروایات الدالّة على التسویة من عمل رسول الله(صلى الله علیه وآله) التی روتها العامّةوالخاصّة وما عن أمیرالمؤمنین(علیه السلام) فهی لا تدلّ على شیء; فإنّ العمل یدلّ على الجواز، لا على الوجوب.
وکذا الروایات التی تدلّ على أنّ للحرّة لیلتین، وللأمة لیلة واحدة، فإنّها لاتدلّ على أنّ الباقی من اللیالی للزوج.
ومنها: ما رواه فی «المستدرک» عن «دعائم الإسلام» عن علی(علیه السلام) أنّه قال فی الرجل عنده المرأة أو الثلاث، فیتزوّج، قال: «إذا تزوّج بکراً أقام عندها سبع لیال، فإن تزوّج ثیّباً أقام عندها ثلاثاً، ثمّ یقسّم بعد ذلک بالسواء بین أزواجه»(20).
وأمّا ما دلّت بالمفهوم، فهی أیضاً روایات:
منها: ما عن غیر واحد عن محمّد بن مسلم قال: قلت له: الرجل تکون عنده المرأة یتزوّج اُخرى، أله أن یفضّلها؟ قال: «نعم، إن کانت بکراً فسبعة أیّام، وإن کانت ثیّباً فثلاثة أیّام»(21).
ومنها: ما عن الحضرمی عن محمّد بن مسلم، قال: قلت لأبی جعفر(علیه السلام): رجل تزوّج امرأة وعنده امرأة؟ فقال: «إن کانت بکراً فلیست عندها سبعاً، وإن کانت ثیّباً فثلاثاً»(22).
ومنها: ما عن الحلبی عن أبی عبدالله(علیه السلام) ـ فی حدیث ـ قال: «إذا تزوّج الرجل بکراً وعنده ثیّب، فله أن یفضّل البکر بثلاثة أیّام»(23).
ومنها: ما عن الحسن بن زیاد، عن أبی عبدالله(علیه السلام) ـ فی حدیث ـ قال: قلت له: الرجل تکون عنده المرأة فیتزوّج جاریة بکراً؟ قال: «فلیفضّلها حین یدخل بها ثلاث لیال»(24).
وبعد تعارض هذه الروایات مع الروایات السابقة، یمکن أن یقال بجواز الجمع الدلالی بینها; بحمل ما دلّت على المساواة على الاستحباب، وما دلّت على جواز التفاضل على الجواز; لأنّه من قبیل الجمع بین النصّ والظاهر.
ومع الغضّ عن ذلک، فما دلّ على جواز التفاضل مرجَّح; لموافقته الشهرة، ولمخالفته العامّة.
نعم ما دلّ على المساواة موافق لکتاب الله، ولکن لمّا کان بعض ما دلّ على لزوم العدالة والمساواة مشتملا على الوعید بالعذاب على ترکها ـ وإن کان إسناده لا یخلو من ضعف ـ فلا ینبغی ترک الاحتیاط برعایة العدالة.
بقیت هنا اُمور:
الأوّل: أنّه إذا کانت الزوجة واحدة ففی روایة «دعائم الإسلام» أنّه یقسم لها; قال: روینا عن جعفر بن محمّد، عن أبیه، عن آبائه: «أنّ علیّاً(علیه السلام) قال: للرجل أن یتزوّج أربعاً، فإن لم یتزوّج غیر واحدة، فعلیه أن یبیت عندها لیلة من أربع لیال، وله أن یفعل فی الثلاث ما أحبّ ممّا أحلّه الله له»(25).
ویدلّ علیه أیضاً إلغاء الخصوصیة من روایات الباب; وظهورها فی أنّ لکلّ واحدة حقّ لیلة. مضافاً إلى آیة المعاشرة بالمعروف وغیرها.
الثانی: أنّ تعارض الأقوال والروایات، إنّما یکون فیما إذا أراد إضافة الزائد إلى بعضهنّ، وأمّا إذا بات وحده أو عند غیر أزواجه، فلا بأس به.
الثالث: هل یجوز أن یجعل القسمة أزید من لیلة عند کلّ واحدة؟ مثلا لیلتین أو اُسبوعاً أو شهراً عند واحدة، ومثله عند غیرها؟
فإن کان برضاهنّ فلا شکّ فی جوازه، وأمّا إن کان بدونه، فعن الشیخ فی «المبسوط» وجماعة جوازه; لإطلاق أدلّة القسمة، وحصول العدالة، بل قد یکون أصلح لهنّ وللزوج; لتباعد أمکنتهنّ.
ولکن صرّح فی «الشرائع» باشتراط ذلک برضاهنّ(26)، ولعلّه لظهور روایة سماعة(27)فی ذلک. ولکن قد عرفت أنّها ناظرة إلى غیر ما نحن فیه، ولظهور النصوص فی استحقاق کلّ منهنّ لیلة من أربع، والأحوط عدم جوازه بغیر رضاهنّ.


(1). الروم (30): 21.
(2). النساء (4): 19.
(3). راجع جواهر الکلام 31 : 154.
(4). المغنی، ابن قدامة 8 : 138.
(5). الفقه على المذاهب الأربعة 4 : 237.
(6). الخلاف 4 : 412، المسألة 4.
(7). النساء (4): 3.
(8). النساء (4): 129.
(9). نقلناه بالتلخیص من تفسیر البرهان 3 : 243 ـ 244. )منه دام ظلّه(
(10). النساء (4): 19.
(11). وسائل الشیعة 21 : 337، کتاب النکاح، أبواب القسم والنشوز، الباب 1، الحدیث 1.
(12). وسائل الشیعة 21 : 337 ـ 338، کتاب النکاح، أبواب القسم والنشوز، الباب 1، الحدیث 2.
(13). وسائل الشیعة 21 : 338، کتاب النکاح، أبواب القسم والنشوز، الباب 1، الحدیث 3.
(14). وسائل الشیعة 21 : 338، کتاب النکاح، أبواب القسم والنشوز، الباب 1، الحدیث 4 وقد نقل فی الباب الثانی روایة اُخرى عن الحسن بن زیاد، والظاهر أنّها روایة الحسین بن زیاد التی نقلناها آنفاً. )منه دام ظلّه(
(15). وسائل الشیعة 21 : 347، کتاب النکاح، أبواب القسم والنشوز، الباب 9، الحدیث 1، وروى فی «الوسائل» بهذا الإسناد روایة اُخرى فی تفضیل بعض نسائه على بعض إذا کان له ثلاث نسوة، وسائل الشیعة 21 : 347، کتاب النکاح، أبواب القسم والنشوز، الباب 9، الحدیث 2، والظاهر أنّه ذیل الحدیث السابق. )منه دام ظلّه(
(16). وسائل الشیعة 21 : 340، کتاب النکاح، أبواب القسم والنشوز، الباب 2، الحدیث 8.
(17). وسائل الشیعة 21 : 339، کتاب النکاح، أبواب القسم والنشوز، الباب 2، الحدیث 4.
(18). وسائل الشیعة 21 : 341، کتاب النکاح، أبواب القسم والنشوز، الباب 3، الحدیث 2.
(19). وسائل الشیعة 21 : 342، کتاب النکاح، أبواب القسم والنشوز، الباب 4، الحدیث 1.
(20). مستدرک الوسائل 15 : 101، کتاب النکاح، أبواب القسم والنشوز، الباب 2، الحدیث 1.
(21). وسائل الشیعة: 21 : 339، کتاب النکاح، أبواب القسم والنشوز، الباب 2، الحدیث 1.
(22). وسائل الشیعة: 21 : 340، کتاب النکاح، أبواب القسم والنشوز، الباب 2، الحدیث 5.
(23). وسائل الشیعة: 21 : 340، کتاب النکاح، أبواب القسم والنشوز، الباب 2، الحدیث 6.
(24). وسائل الشیعة: 21 : 340، کتاب النکاح، أبواب القسم والنشوز، الباب 2، الحدیث 7.
(25). مستدرک الوسائل 15 : 101، کتاب النکاح، أبواب القسم والنشوز، الباب 1، الحدیث 1.
(26). شرائع الإسلام 2 : 279.
(27). وسائل الشیعة 21: 340، کتاب النکاح، أبواب القسم والنشوز، الباب 2، الحدیث 8.
 
 

 

اختصاص وجوب المبیت بالدائمة حقوق الزوجة على الزوج
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma