وجوب النفقة للبائن المدّعیة أنّها حامل

موقع سماحة آية الله العظمى مكارم الشيرازي(دام ظله).

صفحه کاربران ویژه - خروج
الترتيب على أساس
 
انوار الفقاهة - کتاب النکاح-3
وجوب قیام الزوج بما تحتاج إلیه المرأة عرفاً عدم ثبوت النفقة للمنقطعة الحامل

وجوب النفقة للبائن المدّعیة أنّها حامل
(مسألة 7) : لو ادّعت المطلّقة بائناً أنّها حامل مستندة إلى وجود الأمارات التی یستدلّ بها على الحمل عند النسوان، فتصدیقها بمجرّد دعواها محلّ إشکال. نعم، لا یبعد قبول قول الثقة الخبیرة من القوابل قبل ظهور الحمل; من غیر احتیاج إلى شهادة أربع منهنّ أو اثنین من الرجال المحارم. فحینئذ اُنفق علیها یوماً فیوماً إلى أن یتبیّن الحال، فإن تبیّن الحمل وإلاّ استعیدت منها ما صرف علیها. وفی جواز مطالبتها بکفیل قبل تبیّن الحال وجهان، بل قولان، أرجحهما الثانی إن قلنا بوجوب تصدیقها، وکذلک مع عدمه وإخبار الثقة من أهل الخبرة.
 
وجوب النفقة للبائن المدّعیة أنّها حامل
هذه المسألة متکفّلة لبحث موضوعی صغروی; فی مقابل البحث الکبروی فی المسألة السابقة، ویبحث فیها عن اُمور:
الأمر الأوّل: لو ادّعت المرأة أنّها حامل; لبعض الأمارات التی تعرفها، من دون ظهور حالها عند کلّ ناظر، أو عند الخبیرة الثقة، أو بعض الأرحام، فهل یقبل قولها، أم لا؟
المسألة محلّ اختلاف بین الأصحاب وبین العامّة; قال فی «الحدائق»: «قد صرّح بعض الأصحاب: بأنّه إذا ادّعت البائن أنّها حامل، صرفت إلیها النفقة یوماً فیوماً، فإن تبیّن الحمل، وإلاّ استعیدت، ومقتضى هذا الکلام وجوب النفقة بمجرّد دعواها....
قیل: ووجهه أنّ الحمل فی ابتدائه، لا یظهر إلاّ لها، فقُبل قولها فیه، کما یقبل فی الحیض والعدّة; لأنّ الجمیع من الاُمور التی تختصّ بها، ولا تعلم إلاّ من قبلها.
وأیضاً: فإنّ فی ذلک جمعاً بین الحقّین، وحقّ الزوج على تقدیر عدم ظهور ذلک، ینجبر بالرجوع علیها....
وقال: نقل عن الشیخ فی «المبسوط» أنّه علّق وجوب الإنفاق على ظهور الحمل، وعن العلاّمة فی «التحریر» أنّه علّقها على شهادة أربع من القوابل، وهوظاهر اختیاره فی «المسالک». ثمّ قال: والمسألة ـ لما عرفت من تقابل هذه التعلیلات فی المقام، وعدم النصّ الواضح عنهم(علیهم السلام) ـ محلّ توقّف وإشکال»(1).
وصرّح فی «الشرائع» بوجوب صرف النفقة علیها لو ادّعت، واستدلّ علیه فی «الجواهر» باُمور تأتی، وقبِله.
ولکن ردّه فی «المسالک» بعد نقل استدلال الشیخ بما یأتی(2).
فالمسألة ذات أقوال ثلاثة:
وجوب الإنفاق علیها.
وعدم وجوبه.
والتوقّف فی المسألة.
وعلى کلّ حال: فغایة ما یمکن الاستدلال به للقول الأوّل اُمور:
أوّلها: أنّ الحمل فی ابتداء أمره ممّا لا یعلم إلاّ من قِبلها، فاللازم قبول قولهافیه.
ویؤیّده أو یدلّ علیه، مرسلة الطبرسی فی «مجمع البیان» فی تفسیر قوله تعالى: (وَلاَ یَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ یَکْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللهُ فِى أَرْحَامِهِنَّ) قال: «قد فوّض الله إلى النساء ثلاثة أشیاء: الحیض، والطهر، والحمل»(3).
وما رواه زرارة، عن أبی جعفر الباقر(علیه السلام) قال: «العدّة والحیض للنساء إذا ادّعت صدّقت»(4)، وسند الروایة صحیح.
والحمل وإن لم یذکر فی الأخیرة، ولکن یمکن إلغاء الخصوصیة من العدّة والحیض. بل هو أخفى منهما قطعاً، فهو أولى بالقبول منهما عند ادّعائها.
ومثلها روایة أو روایات اُخرى.
قال فی «الجواهر»: «إنّ المقام لیس داخلا فی قاعدة «ما لا یعلم إلاّ من قبلها...» ضرورة عدم الفرق بین المدّعى وغیره فی عدم معرفة الواقع على وجه الیقین، وفی اشتراکهما فی الطمأنینة بالأمارات الظاهرة»(5).
وهذا منه عجیب! فإنّه لا ینبغی الشکّ فی التفاوت البیّن بین المرأة وغیرها; فی الإحساس بالحمل، والاطمئنان بالقرائن التی تجدها فی باطنها، بل الأمر فیه عندها، أوضح من الحیض والعدّة التی لهما أمارات ظاهرة لا تخفى; وإن کان أخفى منهما بالنسبة لغیرها.
ثانیها: أنّ الله نهاهنّ عن کتمان ما فی أرحامهنّ بقوله تعالى: (وَلاَ یَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ یَکْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللهُ فِى أَرْحَامِهِنَّ إِنْ کُنَّ یُؤْمِنَّ بِاللهِ وَالْیَوْمِ الاْخِرِ)(6).
والقول: «بأنّ حرمة الکتمان لا تکون ملازمة للقبول عقلا، ولعلّ إظهاره یکون سبباً للتفحّص عنه، فیعلم به».
ممنوع: بأنّ الملازمة العرفیة بینهما موجودة; وإن لم تکن هناک ملازمة عقلیة.
ثالثها: أنّ فیه جمعاً بین الحقّین: حقّ الزوجة فی النفقة، وحقّ الزوج فی استعادتها على تقدیر عدم ظهور الحمل.
وفیه: أنّ الجمع بین الحقّین، إنّما یکون فی موارد ثبوت الحقّ إجمالا، ولکن کان حقّه مزاحماً لحقّ شخص آخر، کما إذا کان نوع من الموادّ الغذائیة ـ کالحنطة ـ فی ذمّة زید لعمرو، ولم توجد الحنطة إلاّ بعسر شدید، أو مطلقاً، فإنّ الجمع بین حقّ زید فی الامتناع عمّا لا یوجد وحقّ عمرو فی المطالبة بحقّه، یقتضی الرجوع إلى نوع آخر، ولکن فی مفروض الکلام لم یثبت حقّ للزوجة بمجرّد دعواها، فلا معنى للجمع هنا، ومقتضى الأصل عدم الحمل، فالعمدة هو الدلیلان الأوّل والثانی.
الأمر الثانی: وهو إخبار الثقة الخبیرة من القوابل بالحمل، ولا یبعد القول بکفایته فی إثبات الحمل، کما فی نظائره وأشباهه من الموضوعات التی یرجع فیها إلى أهل الخبرة.
ومن هنا یعلم: أنّ اشتراط کون الشهود أربع نسوة ـ کما فی کلام بعضهم ـ غیر وجیه; لأنّ الأمر لیس من باب الشهادة، بل من باب الرجوع إلى أهل الخبرة، فلذا یعمل بفتوى مجتهد واحد فی معرفة الأحکام; لکون الرجوع إلیه من باب الرجوع إلى أهل الخبرة، فلا یعتبر فیه التعدّد.
نعم، لو کانت آثار الحمل ظاهرة إذا جُرِّدت المرأة، ولا یحتاج إلى الرجوع إلى الآثار، وکان الإخبار من باب الشهادة، لم یبعد اشتراط التعدّد.
ویمکن أن یکون النزاع بین المصنّف وبین من اعتبر التعدّد لفظیاً; فالأوّل ناظر إلى الرجوع إلى أهل الخبرة، والثانی ناظر إلى الشاهد.
الأمر الثالث: فی الرجوع إلیها واستعادة النفقة لو ظهر الخلاف، وهو ممّا لا ینبغی الریب فیه; فإنّ النفقة مشروطة بالحمل واقعاً; لقوله تعالى: (وَإِنْ کُنَّ أُولاَتِ حَمْل فَأَنْفِقُوا عَلَیْهِنَّ)(7) وهذا غیر موجود فی الفرض.
اللهمّ إلاّ أن یقال: إذا کان الإنفاق بدلیل قبول دعوى المرأة، فاللازم إرجاعها لو ثبت بطلان الدعوى، وإن کان وجوبه لقیام الشهود، فلا وجه للاستعادة; فإنّ العمل بشهادة أهل الخبرة أو الشهود، مستند إلى حکم الشرع، فلم تکن المرأة سبباً له، ولا سیّما إذا کانت شاکّة فی أمرها، ورجعت إلى الشهود، وإن هو إلاّ مثل أن یشهد شاهدان على أنّ المال الفلانی لزید، ویکون زید جاهلا به، فلمّا تصرّف فیه بالأکل وغیره تبیّن خطأ الشهود، لا کذبهم؟! فلا یمکن الرجوع إلى زید، نعم لا یبعد الرجوع إلى بیت المال.
وأمّا مطالبتها بالکفیل کما فی کلام بعضهم، فإنّما یصحّ إذا کان الحکم من باب الجمع بین الحقّین; فإنّ الجمع بینهما یقتضی المطالبة بالکفیل عند عدم الاطمئنان بالمرأة، وأمّا إذا کان مستنداً إلى القاعدة أو الآیة الشریفة، فلا وجه للکفیل بعد قیام الحجّة على کونها حاملا، والعمل بالأمارة لازم من دون أیّ شرط، کما فی نظائر المقام، والله العالم.
بقی هنا شیء: وهو أنّ الأجهزة الحدیثة المعدّة لتشخیص حال المرأة ـ وأنّها حائل أو حامل ـ على قسمین:
قسم منها: لا یقف علیها إلاّ الخبراء، فیعرفون بها حالها قطعاً، أو بالظنّ القویّ الذی یکون معتبراً عند العقلاء فی أمثال المقام، وحینئذ تکون شهادتهم من باب شهادة أهل الخبرة التی لا یجب التعدّد فیها.
وقسم آخر: یقف علیها کلّ أحد، مثلا تکون صور واضحة فی الأجهزة، وهذا داخل فی الشهادة، فیعتبر فیها التعدّد.
وهکذا حال تحلیل دمها، أو بولها، أو غیر ذلک.


(1). الحدائق الناضرة 25 : 127 ـ 128.
(2). مسالک الأفهام 8 : 473.
(3). وسائل الشیعة 22 : 222، کتاب النکاح، أبواب العدد، الباب 24، الحدیث 2.
(4). وسائل الشیعة 21 : 222، کتاب النکاح، أبواب العدد، الباب 24، الحدیث 1.
(5). جواهر الکلام 31 : 358.
(6). البقرة (2): 228.
(7). الطلاق (65): 6.
 

 

وجوب قیام الزوج بما تحتاج إلیه المرأة عرفاً عدم ثبوت النفقة للمنقطعة الحامل
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma